نهاية العالم متى؟ وكيف؟
للشيخ محمد حسان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثير ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
ثم أما بعدفحياكم الله جميعا أيها الاخوة الأخيار وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب ممشاكم وتبوءتم جميعا من الجنة منزلاً وأسأل الله جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعني مع سيد الدعاة في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك والقادر عليه
نهاية العالم . متى ؟ وكيف ؟ هذا هو عنوان لقاءنها مع حضراتكم في هذا اليوم المبارك وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الكبير الجليل في العناصر التالية:
أولاً:- الأخبار النبوية الفاصلة في الأحداث العالمية المقبلة.
ثانيا:- الملاحم الكبرى.
ثالثا:- وصدق الله ورسوله.
وأخيرا:- ورقة عمل.
فأعيروني القلوب والأسماع جيداً .. والله أسأل أن يقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين إنه ولي ذلك والقادر عليه
أولا:- الأخبار النبوية الفاصلة في الأحداث العالمية المقبلة:
أحبتي في الله لا يستطيع عاقل على وجه الأرض فضلاً عن عالم أن يجزم بشكل قاطع وفي وقت محدد بنهاية العالم بقيام الساعة. لا يعلم وقت قيام الساعة ملك مقرب ولا نبي مرسل فهذا من العلم والغيب الذي استأثر به الله جل وعلا وحده قال تعالى: ( يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله)
وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أمين وحي السماء جبريل عليه السلام سأل أمين أهل الأرض محمد صلى الله عليه وسلم : متى الساعة ؟ فقال المصطفى: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل." ومع ذلك فإن الله جل وعلا قد أطلع نبينا صلى الله عليه وسلم على كل أمارات وعلامات الساعة بل وعلى كل الأحداث التي ستقع في الكون بين يدي الساعة
تدبر معي قال الله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول..) وقال تعالى: (ولايحيطون بشيئ من علمه إلا بما شاء)
وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه فنهتني قريش عن ذلك وقالوا: إن رسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا قال: فأمسكت عن الكتابة ثم ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي: " اكتب فوالذي نفس بيده ما خرج مني إلا الحق"
قال تعالى: (والنجم إذا هوى (*) ما ضل صاحبكم وما غوى (*) وما ينطق عن الهوى (*) إن هو إلا وحي يوحى (*) علمه شديد القوى (*) ذو مرة فاستوى )
ومن ثم قال الله تعالى: ( وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب )
ما من شيء إلا وأخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم تدبروا معي ما رواه البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة، فما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله
وفي صحيح مسلم من حديث أبي زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى الظهر - ظل النبي واقفا على المنبر يخطب في الصحابة من الفجر إلى الظهر - قال: فنزل فصلى الظهر ثم صعد المنبر فخطب حتى حضرت العصر قال: فنزل فصلى - أي العصر - ثم صعد المنبر فخطب حتى غربت الشمس قال: فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا أي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
فما من شيء وقع وما من شيء قائم بيننا الآن وما من حدث سيقع في السنوات المقبلة بين يدي الساعة إلا وقد أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى فما تحياه الأمة الآن من واقع معاصر وما سيشهده العالم من أحداث دامية مؤلمة في السنوات المقبلة إلا وقد أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى .
نعم لقد جسّـد النبي الواقع المعاصر تجسيداً دقيقاً. ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبر بشبر وذراع بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم " قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى. قال: " فمن؟! ".
وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبوداود من حديث ثوبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: " كلى، ولكنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن" قيل: وما الوهن يا رسول الله؟قال: "حب الدنيا وكراهية الموت"
ومع ذلك فقد أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى عن زوال هذه المحنة وكشف هذه الغمة وأخبرنا عن نصرة الله الإسلام والمسلمين وعن إذلال الله للشرك والمشركين ووالله ثم والله إننا الآن على مقربة شديدة بوقوع البشريات المحمديات الصادقة مع ما نراه من واقع مر أليم .. لماذا ؟
لأن الذي سيهييء الكون كله في الأيام والسنوات المقبلة ليحدث في الأرض ما أخبر به الصادق الذي سيغيّر الكون كله هو ملك الملوك جل جلاله ومدبر الكون ومسيّر الأمر الذي يقول للشيء: كن فيكون وهذا هو عنصرنا الثاني والمهم.