القصة الكاملة و الحقيقية التي جعلت من المغرب و الجزائر أعداء إلى اليوم....المرجو
القراءة بصبر و تأني.
.حمل الحسن الثاني معه في أول زيارة للجزائر 23 سيارة
مرسيدس من النوع الكبير لوضعها رهن خدمة الوزراء الجزائريين الـ23
* لم يضحك بن
بلا قط خلال زيارة الحسن الثاني للجزائر فاقترح عليه الدكتور الخطيب اسناد وزارة
المواشي الى بومعزة، ووزارة التموين الى بوخبزة ووزارة الفلاحة الى بومنجل ووزارة
الشرطة لبوتفليقة .. فابتسم الرئيس
* عزا الوفد المغربي انقباض الرئيس بن بلا
الى ما كان يعج به صدره من هموم بناء الجزائر
* ذهب الحسن الثاني الى الجزائر
يحمل هما واحدا هو مشكلة الحدود المترتبة على إلحاق فرنسا لأجزاء من تراب المغرب
بالجزائر يتناول عبد الهادي بوطالب السياسي المغربي المخضرم في هذه الحلقة من
حوارات «نصف قرن تحت مجهر السياسة» التي خص بها «الشرق الأوسط» ظروف اندلاع «حرب
الرمال» بين المغرب والجزائر. والمحاولات التي قام بها الملك الحسن الثاني مع
الرئيس الجزائري احمد بن بلا للحؤول دون اندلاعها.
ويتحدث بوطالب هنا عن اول
زيارة يقوم بها الملك الحسن الثاني الى الجزائر، وقراءته لشخصية الرئيس بن بلا
اثناء الزيارة.
* في سنة 1963 اندلعت حرب الرمال بين المغرب والجزائر. فما هي
الأسباب والخلفيات التي أدت إلى حرب الأشقاء؟
ـ لم تنقطع إمدادات المغرب للثورة
الجزائرية منذ اندلاعها سنة 1954 إلى تتويجها بالانتصار والاستقلال سنة .1962 كنا
في الحركة الوطنية نؤمن أن كفاح أقطار شمال افريقيا للتخلص من الاستعمار يشكل وحدة
لا انفصام لها، وأن المكافحين في كل من المغرب والجزائر وتونس يوجدون على خط معركة
التحرير في خندق واحد. واعتبرنا ـ وقد حررنا بلادنا وشكلنا أول حكومة وطنية ـ أن
انتصار المغرب بعودة محمد الخامس من منفاه وإعلان الاستقلال لا يعفي المغرب من
مساعدة ما بقي من أقطار المغرب الكبير تحت الاستعمار، وخاصة الجزائر التي ألحقتها
فرنسا بها وجعلت منها ثلاث مقاطعات فرنسية.
ولذلك كان التزام المغرب ـ ملكا
وشعبا ـ بمساعدة الثورة الجزائرية غير محدود ولا مشروط، وحتى في أصعب ظروف المغرب.
كان المغرب غداة استقلاله ما يزال يكمل تحرير ترابه ويكافح لإجلاء الجيوش
الأجنبية الفرنسية والإسبانية عن أراضيه، وعن القواعد العسكرية التي سمح الاستعمار
الفرنسي بإقامتها فوق ترابه لفائدة القوات الأميركية. وكان المغرب محط الأنظار
والمراقبة من طرف الاستعمار الراحل الذي لم يسلِّم بوضع الاستقلال إلا مُرغَما. وظل
مع ذلك يتربص به السوء بعد أن أفلت من قبضته، ويخشى من سريان عدوى التحرر إلى
الجزائر المجاورة. وكان اضطلاع الملك محمد الخامس بمسؤولية تبني قضية الجزائر
المكافحة ودعمها بالمال والسلاح تحديا لفرنسا كان يمكن أن يكون من بين ردود فعله
ضرب فرنسا القواعد العسكرية المغربية التي كانت تحتضن الفرق العسكرية الجزائرية وقد
بلغ عددها 9.000 جندي.
وكان المغرب يواجه مشكلة بناء الدولة وتطويرها بما
يتطلبه البناء والتطوير من نفقات تضيق عنها ميزانيته، لكن هذه الظروف الصعبة لم
تثنه عن مضاعفة دعم الجزائر ماديا، وتوفير السلاح لثورتها، وحماية ظهرها على طول
الحدود المغربية التي أصبحت مفتوحة في وجه المكافحين الجزائريين، ومَـمَرّا للعتاد
والذخيرة إلى أرض المعركة بالجزائر.
وإلى قاعدة مكناس العسكرية المغربية كان
يرد السلاح الروسي المقتنَى من الثورة الجزائرية، وضِمْنه الطيران العسكري الذي كان
يتدرب عليه بالقاعدة المغربية ربابنة جزائريون. وكان المغرب يساهم من ميزانيته في
شراء السلاح ونقله إلى الجزائر. كما ساعد الجزائر ماليا على اقتناء الباخرة «سانت
بريفال SAINT BRIVAL » التي اشتهرت باسم الأطوس lathos وغصت مدينة وجدة على الحدود
الشرقية بالمهاجرين الجزائريين، واستقبلت مستشفياتُها الجرحى لعلاجهم، وآوت
القيادةَ الجزائريةَ السياسية التي أصبحت تُعرَف في ما بعدُ بمجموعة وجدة، والتحقت
بالجزائر عند استقبالها لتدير دفة الحكم.
* لكن المغرب أدى ثمنا غاليا بسبب ذلك
خاصة في علاقته بفرنسا؟
ـ نعم، أدى المغرب غاليا ثمن هذا الدعم، خاصة خلال تسعة
أشهر قطع خلالها علاقته مع فرنسا على إثر اختطافها الطائرة المغربية التي كانت
تُقِل الزعماء الجزائريين الخمسة الذين جاءوا إلى المغرب وحلوا ضيوفا على الملك
محمد الخامس، وكانوا يُردِفونه على الطائرة المختطَفة ليحضروا بجانبه في زيارته
تونس تلبية لدعوة رئيسها الحبيب بورقيبة. وكان من بين هؤلاء الزعماء أحمد بن بلا
الذي سيصبح رئيس الحكومة الجزائرية فرئيس الدولة الجزائرية في فجر الاستقلال.
*
وما هي الخسائر التي نتجت عن قطع العلاقات مع فرنسا؟
ـ خلال فترة القطيعة مع
فرنسا تحمل المغرب صعوبات وأضرارا مادية تجلت خاصة في فقده المعونة الفنية الفرنسية
التي كان في أمس الحاجة إليها لتطوير بنياته الأساسية.
وكان طبيعيا ـ والحالة
هذه ـ أن يعيش المغرب عرسا كبيرا طافحا بالأفراح يوم استقلت الجزائر، فهذا
الاستقلال كان يكمل استقلاله ويوطد له قواعد الأمن والسلامة، ويؤشر لمستقبل أسعد
لشعبين كل شيء يؤلف بينهما ويوحدهما في مصير مشترك. وكان يخلق للمغرب ظروف المزيد
من الاستقرار والانصراف إلى بناء نفسه بعد أن تحرر من أعباء إسناد الثورة
الجزائرية.
لكن استقلال الجزائر لم يكن نهاية متاعب المكافحين، بل فجَّر داخل
الجزائر ما كانت تجيش به من تناقضات لئن صَهَرها مؤقتا هدف التحرير فإن الاستقلال
لم يَقوَ على احتوائها.
* وماذا كان موقف المغرب من تلك التناقضات الداخلية؟
ـ أريد أن أشير إلى انقسام الصف القيادي لجبهة التحرير الجزائرية، وبروز تكتلات
سياسية لجأ بعضها (وعلى رأسها الزعيم آيت أحمد) إلى التمرد العسكري بمنطقة القبائل
على الحكومة الشرعية. وقد وقف الملك الحسن الثاني إزاء الأزمة الداخلية الجزائرية
موقف المناصر للحكومة الجزائرية. لقد كان مؤمنا بأن هذا الخلاف العارض لا يشكل إلا
اجتهادات في الرأي بين أبناء الجزائر الواحدة، وبالتالي فواجب المغرب أن يُعرِض عن
الخوض فيه، وأن يقوي عرى التعاون بينه وبين الحكم الشرعي مشخَّصا في حكومة الجزائر
التي كان يقودها آنذاك الرئيس أحمد بن بلا.
وهذا بعض ما استهدفه الملك الحسن
الثاني من مسارعته للقيام بزيارته الرسمية للجزائر، تلبية للدعوة التي وجهها إليه
الرئيس بن بلا ونقلها لجلالته وزير خارجية الجزائر آنذاك المرحوم الخميستي. وكان
الملك قد وقَّت زيارة إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوة الرئيس الأميركي، لكنه
أخرها وأعطى الأسبقية لزيارة الجزائر