step by step
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


بوابة الثقافة والمعرفة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من أسرار دمشق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد شحاته
Web Master
Web Master
محمد شحاته


عدد الرسائل : 376
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

من أسرار دمشق Empty
مُساهمةموضوع: من أسرار دمشق   من أسرار دمشق I_icon_minitimeالخميس مايو 29, 2008 5:41 pm

الإسباني فرناندو.. لغز من ألغاز دمشق
1969م


لكل مدينه أسرارُها.. ولكل مدينه تاريخُها وبطولاتها.. ولدمشق
سر وأسرار.. قصص وحكايات.. بطولات لا تنتهي، وحكايات تناقلها الأبناءُ عن الآباء
والأجداد، إنها أول مدينه مأهولة على وجه الأرض ورد ذكرها في الديانات الثلاث،
وأنها المدينة العريقة الطيبة التي تصنع الحضارة وتسطر التاريخ.. إنها دمشق؛ سر
الكون والتكوين، لم تزل باقية حتى الآن ترد الأذى عن العرب والعروبة، وتنشر
والإسلام، وتنبئ عن النصر القادم.
إنها دمشق التي تختزن التاريخ، وتحكي أحجارها
وسماؤها عن أسرارها.. ولنبدأ الحكاية..

الإسباني فرناندو..
لغز من ألغاز دمشق:


وصل إلى دمشق وهو في ريعان شبابه، ومكث فيها
يشتمّ عبق الحضارة من حاراتها، وتزوج من بناتها، وساعد على رسم حضارتها، فشيد فيها
روائع البيوت والقصور، وحين جاءه الأجلُ ضمته دمشق بين ذراعيها. إنه المهندس
المعماري فرناندو دي أراندا.

فرناندو دي
أراندا:


وصل إلى دمشق عام 1902م (أو عام 1905م) المهندس المعماري
الإسباني فرناندو دي أراندا قادماً من إسطنبول، ومكث في فندق فكتوريا, وقام بجولات
على أحياء وحارات وأزقة دمشق متأملا هذه المدينة وعمقها التاريخي، وفي أثناء وجوده
بدمشق سمع عن صفقة لبناء محطة الحجاز، التي شارك فيها مهندسون معماريون من جنسيات
عدة، فتقدم إليها وفاز بها، وساعد في إنشائها.. واستطاب العيش بدمشق، فسعى ليتقلد
منصبًا دبلوماسيا، فأصبح نائبا للقنصل الفخري الإسباني في دمشق بين عامي 1912م-
1936م، ثم اعتنق فرناندو الدين الإسلامي وغير اسمه إلى (محمد أراندا) وتزوج من
امرأة سورية من أصول تركية تدعى صبرية، وأقام إقامة دائمة بهذه المدينة العريقة.. ‏


ولد فرناندو دي أراندا في مدريد في 31 من كانون الأول عام 1878م، ولم تلبث
أمه أن توفيت بعد ولادته بوقت قصير. رافق والده الموسيقار، منذ كان طفلاً، إلى
باريس، ومن هناك إلى إسطنبول. وكان يميل إلى فن التصميم والهندسة منذ كان
شاباً.

حين وصل إلى دمشق، في أوائل القرن الماضي، مكث في فندق فكتوريا، وفيه
عرف زوجته الأولى زنوبيا سيريكاكيس، اليونانية الأصل، التي كانت تعيش بين دمشق
وبيروت، ثم انفصل عنها وكان قد أنجب منها ولدين. وحين طلبت عائلة حلمي -وهي عائله
دمشقية من أصول تركية- أن يبني لها بيتاً، عرف صبرية حلمي، قريبتهم وتزوجها بعد أن
اعتنق الدين الإسلامي، وكانت تصغره بعشرين عاماً، ورحل معها إلى حيفا حيث مكث مدة
من الزمن قبل أن يعود إلى دمشق ليكمل فيها بقية أعوامه التسعين.

لقد ساهمت
عبقرية هذا الفنان في بناء الفن المعماري وتخطيط المدينة الدمشقية الحديثة في النصف
الأول من القرن العشرين, والكثير من الأبنية التي صممها فرناندو معروفة بدمشق وما
زالت قائمه حتى الآن، ومن أهمها بناء العابد في ساحة المرجة...

لقد ساعد هذا
الفنان في تكوين هذه المدينة، وترك أثراً لا يمحى في مخططات عمرانية وأبنية رائعة.
استعادت في أعماله عناصر فن العمارة الإسلامية مثل ألواح القيشاني وتشكيلات
النوافذ، والزخارف الخشبية الداخلية. واستعارت الملامح المعمارية الكلاسيكية
المتبعة في العمارات، ولا سيما الطراز الألماني.

وفي شهر كانون الأول عام
1969م صلى أهل دمشق على فرناندو في جامع المرابط ثم دفن في المقبرة الإسلامية بباب
الصغير، بعد معاناة مع المرض، حيث استقبلته الغرفة رقم 7 في مشفى الطلياني مطروحاً
في فراش المرض الذي استفحل منتهزًا عمر التسعين، قبل أن تضم رفاته أقدم مقابر
دمشق...

بناء العابد:

من أضخم وأشهر الأبنية
الأثرية التي تشهد على عبقرية فرناندو دي أراندا في دمشق بناء العابد، المطل على
ساحة المرجة، والذي لا يزال قائما إلى الآن،لم تمتد له يد الإنسان بالهدم
والتخريب..؟ وهو من أوائل الأبنية الحديثة في دمشق (1906م)، ذو نمط ألماني، وتصميم
إسباني، وهذا البناء كان ولم يزل شاهدًا ومؤرخًا لحوادث دمشق اليومية..


ينسب بناء العابد لأحمد عزت باشا العابد (1851-1924م) والد رئيس أول
جمهورية سورية، وكان عزت باشا قد درس بدمشق, ثم تابع تحصيله العلمي في مدرسة
البطريركية في بيروت. عين كاتباً في مجلس إدارة الولاية, وما لبث أن تولى رئاسة
محكمة التجارة في دمشق. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر عمل رئيساً لتحرير مجلة
سورية الرسمية، وفي عام 1878م أصدر جريدة دمشق. ثم تولى تفتيش العدلية في دمشق,
ونقل منها إلى رئاسة المحاكم التجارية المختلطة في إستانبول. ومن ثم أصبح واحداً من
أقرب المقربين إلى السلطان عبد الحميد الثاني فعين عضواً في مجلس شورى الدولة وأصبح
ثاني أمناء السر للسلطان.

كان لأحمد عزت باشا الفضل في تحقيق عدد من
المشاريع في بلاد الشام. وأهم هذه المشاريع -بلا شك- مد الخط الحديدي الحجازي؛ إذ
أقنع السلطان بأهمية هذا المشروع وأنفق عليه من ماله الخاص. ومن المشاريع الأخرى
التي دعمها أحمد عزت باشا: مد خط الترام في دمشق وإنارة مدينة دمشق بالكهرباء. كما
أنه قام بشراء دار الحكومة القديمة (قصر والي دمشق كنج يوسف باشا في ساحة المرجة)
وهدمها وأقام مكانها بناء عرف باسم بناء العابد، على الطراز الأوربي ليكون فندقاً.
ثم تحوّل إلى ثكنة عسكرية خلال الحرب العالمية الأولى، وكان مقرًّا للمؤتمر السوري
الأول عام 1919م (أول برلمان لبلاد الشام)، ومقرا للجنرال غورو عند دخوله دمشق عام
1920م، وفي إحدى غرفه (حين شغلته مديرية شرطة العاصمة) مكث الجاسوس الإسرائيلي إيلي
كوهين ينتظر الإجراءات القانونية السابقة للإعدام وذلك عام 1965.

لقد قام
المهندس المعماري الإسباني فرناندو دي أراندا بتصميم بناء العابد، وهو يتألف من
أربعة طوابق، وأنشئ على مرحلتين. ويقوم على أساسات من أوتاد خشبية بطول 2.5م،
وجدرانه من الآجر المكسو بالحجر، وللمبنى مدخلان رئيسيان وخمسة مداخل ثانوية، ويحيط
المبنى بساحة سماوية نصل إليها عبر مدخلين، ومنها نصل إلى الطابق الأول بأدراج
رئيسة، وحولها مخازن. ويحوي الطابق الأول قاعة مركزية ذات قبة وهي محاطة بغرف. ولم
يستعمل البناء فندقاً بل جعله الأتراك في أثناء الحرب العالمية الأولى منزلاً
للعساكر، وما زال يسمى المنزل. ويعلو المبنى في قمته منور اثنى عشري الأضلاع. وغطي
السطح الجملوني بالقرميد.

هذا هو أحد ألغاز مدينه دمشق: الفنان الإسباني
فرناندو دي أراندا الذي قدم إليها عن عمر يناهز الثلاثين عامًا، ولم يغادرها، بل
ضمته مقابرها عن عمر يناهز التسعين عاما قضاها مساعدًا في تطوير وتجميل وجه دمشق
المعماري، ولم تزل ساحات وشوارع دمشق شاهدة على عظمة هذا القادم إلينا من بلاد
الأندلس...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد شحاته
Web Master
Web Master
محمد شحاته


عدد الرسائل : 376
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

من أسرار دمشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: من أسرار دمشق   من أسرار دمشق I_icon_minitimeالخميس مايو 29, 2008 5:41 pm

الدمشقي الذي أذهل البيروتيين.. خوف وصراخ من
العفريت؟


أضحت السيارة الآن في متناول يد الجميع رجالا ونساء، شبابا
وشيبا، ميسورين ومتوسطي الحال وفقراء أحيانًا. السيارة ركبها في السابق الأغنياء
وأبناء الطبقة البرجوازية، واليوم -وقد غدت في متناول يد الجميع- هل خطر في بالنا
أن نتوقف ذات يوم أمام سؤال يطرح نفسه بشكل أو بآخر: كيف بدأت حكايتها في الغرب
وكيف وصلت إلى بلادنا, وما أول سيارة درجت على طرقاتنا؟ وهل استقبلها الناس
بالترحاب أو بالرهبة كعادتنا أمام كل جديد؟!.

حين بدأت السيارات تصل إلى
البلاد العربية أطلق عليها اسم (الأتومبيلات) ومفردها (أتومبيل)، ويقولون إن أول
أتومبيل (سيارة) صنع في عام 1769م بمحرك بخاري وثلاث عجلات، وسير بها في شوارع
باريس, ثم جاء الألماني (كارل بنز) وصنع محركًا للاحتراق الداخلي يديره النفط.‏


وفي أميركا ظهرت محركات الاحتراق بواسطة فورد و أولدز.‏

وفي مطلع
القرن العشرين 1903م أصبحت مدينة ديترويت الأميركية مركز صناعة الأتومبيلات
(السيارات) الرئيس في الولايات المتحدة.‏

ومن خوف البريطانيين من الأتومبيل
(السيارة) كانوا يحاولون منعه من السير على الطرقات، وسعوا في مقاطعة السيارات!
لكنهم وصلوا إلى حل يقضي بأن يصدر قانون يفرض وجود شخص يحمل علما أحمر يسير أمام كل
سيارة لتحذير المارة منها!!

أول سيارة دخلت دمشق كانت للثري الدمشقي (فيليب
سكاف)؛ أحضرها بالباخرة من الإسكندرية إلى بيروت سنة 1903م وجربها على طريق
صيدا-بيروت، وقد قطع المسافة بينهما -وهي 45 كم- في مدة ساعتين وثلث أي بمعدل 20 كم
بالساعة.‏

لكنه في طريق العودة اختصر المسافة لأنه عرف معالم الطريق وقد
اجتمعت في بيروت جماهير غفيرة صغار وكبار لترى هذه الآلة العجيبة، التي جاء بها
الدمشقي إلى بيروت.

وصل فيليب سكاف إلى بيروت من الإسكندرية على متن سيارة
(أتومبيل) استقلها للتوجه إلى صيدا قبل أن يغيّر وجهته صوب برمانا. وكان في إمكان
تلك السيارة أن تقلّ 13 راكبا بحسب ما أفادت به آنذاك جريدة "ثمرات الفنون" لعبد
القادر قباني وهي تسجّل تلك الواقعة "التاريخية" للثري الدمشقي سكاف الذي أذهل أهل
بيروت بهذا العفريت الذي يركبه..

اللبنانيون الذين تسنّى لهم رؤية أول سيارة
تدخل البلاد عام 1903م ظنوا للوهلة الأولى أنها دابة غريبة لا جلد لها، بل صفائح
معدنية لماعة، ولا أرجل لها بل دواليب مطاطية سود، أما عيناها الكبيرتان جدًّا فلا
يرف لهما جفن ولا ينامان ليلا، بل يضيئان إبعادًا للدواب الأخرى وسائر المخلوقات من
الطريق. لذا تسمّرت أعين هؤلاء ودارت وهم يمعنون النظر مشدوهين أمام هذا المخلوق
العجيب الذي يحرّكه "عفريت" ما في داخله.

وكان أهل بيروت كلما شاهدوا سيارة
فيليب سكاف تسير في الشوارع والأزقة يتسابقون للوقوف على الشرفات، وفوق السطوح،
ليمتعوا أنظارهم بمشاهدة السيارة الغريبة العجيبة التي تسير بلا أحصنة. ولم يكن
البيروتيون يجرؤون على الاقتراب منها؛ لأنه كان يخيّل إليهم أنها تسير بقوة عفريت.
وكان الناس عند سماعهم هديرها يهربون وهم يصرخون خوفًا من تلك الآلة "المسكونة"
بعفريت"!

وقد وصفت الصحف اللبنانية آنذاك هذه السيارةَ بأنها النقالة
السريعة، وأعلن سكاف أنه سيعمل على تشغيل سيارته الجديدة بين دمشق وتدمر لاختصار
المسافة بينهما إلى ثماني ساعات بدلا من خمسة أيام, ومرت الأيام، وأقبل الناس على
استيراد السيارات.‏

وسيارات تلك الأيام لم تكن مجهزة بالمعدات والآلات
والمحركات كسيارات اليوم. ولم يكن "الفيتاس" معروفًا، بل كانت سرعة السيارة وقوتها
واحدة لا تتغير، تسير نزولا بالقوة نفسها التي تسير بها صعودًا. وكانت تدور بواسطة
"مانيفيل". وكان السائق يلقى عناء كبيرًا في برم "المانيفيل" وإدارته حتى يدور محرك
سيارته. وعندما تدور يصعد إليها، ويسير على بركات الله. ولم يكن هناك محطات بنزين.
فالبنزين كان يباع في محلات السمانة، في صفائح من تنك (مثلما كان يخزّن الزيت
والسمن البلدي). أما كاراجات تصليح السيارات فلم تعرف في الشام إلا بعد انتهاء
الحرب العالمية الأولى بعدما أنشأ الجيش الفرنسي مرآباً لتصليح آلياته.

وكان
يتعيّن على السائق الذي تتعطل سيارته أن يصلحها بنفسه. وكانت أقصى سرعة لأكبر سيارة
لا تزيد عن أربعين كم في الساعة.

وفي عام 1908م كانت بداية تشغيل حقيقي
للسيارات بين دمشق وبيروت إذ تقدم ماريو فريكة بطلب رخصة من السلطات العثمانية
للنقل على الخط المذكور.‏

وتشير الدراسات إلى أن عدد السيارات حتى نهاية
الحرب العالمية لم يكن يصل إلى مئة سيارة، وكانت معظمها من ماركة فورد المسماة (أبو
دعسة)؛ لأنه كان لها درجة قرب الرفراف يدعس عليها للصعود أو النزول.

أما
سيارات كبار الموظفين الأتراك والرسميين فكانت ألمانية من نوع (بنز).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد شحاته
Web Master
Web Master
محمد شحاته


عدد الرسائل : 376
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

من أسرار دمشق Empty
مُساهمةموضوع: رد: من أسرار دمشق   من أسرار دمشق I_icon_minitimeالخميس مايو 29, 2008 5:42 pm

دمشق عاصمة الثقافة 2008م

سطرت سورية إلياذتَها
الخالدة على مر العصور بروعة رجالاتها وبطولة أبنائها، ففي كل زاوية بطولة، وتحت كل
حجر قصة، وتاريخنا يعبق بقصص وحكايات تروى لتكون مثلا لنا ولأولادنا وأطفالنا
ليتذكروا دائمًا عظمة سورية بلد التاريخ والحضارة.. ودمشق عاصمة سورية القديمة قدم
التاريخ وهي حورية البحر المتألقة بضفائر شعرها الأسود ونور وجهها الذي يشع إيمانًا
وعروبة وصلابة.. دمشق التي يعرفها كل العرب فهي المدرسة التي خرَّجت قادة عربًا،
دمشق التي يعرفها القاصي والداني، تقيه نقية تتوضأ بالعروبة خمس مرات يوميًّا،
وتنثر عطر ياسمينها بين الأرض والسماء، فتنبئ بأنها باقية عبر الأيام تسطر إلياذتها
الخالدة في الحب والعطاء...

دمشق سِفْر مفتوح نقرأ فيه قصصًا وروايات،
سرًّا وأسرارًا، نقرأ في سفر دمشق حكايات لها أول وليس لها آخر... ونستمر في قراءه
أسرار دمشق...

الإضراب الستيني والحرامية والنساء:


يقولون: إن شركة كهرباء دمشق الخاضعة لسلطة الانتداب الفرنسي، قامت
برفع أجرة (الترامواي) نصف قرش، فأثار هذا الإجراء حمية زعيم الشباب فخري البارودي
مع الكتلة الوطنية، فأعلن حملة احتجاجات على سلطات الانتداب الفرنسي انطلقت من دمشق
لتشمل سورية من بابها إلى محرابها، ولتتحول مظاهرات الاحتجاج إلى المطالبة
بالاستقلال ورحيل المستعمر.. مواطنون عاديون، عمال وفلاحون، طلاب ومثقفون، نساء
ورجال، الكل كان له أثره ومكانه في الإضراب الستيني. الذي كان أعظم وأطول إضراب جرى
في العالم آنذاك...

انطلقت شرارة الإضراب الستيني مع بداية عام 1936م، بعد
اعتقال فخري البارودي ونفيه إلى الجزيرة في الشمال, وبعد أن تبعه في الاعتقال
والنفي آخرون.

أغلقت الحوانيت والمحال أبوابها، واستمر هذا الإضراب قرابة
ستين يومًا، لذا عرف بالإضراب الستيني نسبة للمدة الزمنية التي استمر فيها، عدد من
طلاب جامعة دمشق قاموا بالوقوف على جسر فكتوريا لمنع وصول الطلاب إلى الجامعة،
ومجموعه أخرى من الطلاب تنشر قوائم سوداء تضم أسماء الطلاب الذين يداومون على
الجامعة، وهذا دعا وزير المعارف آنذاك حسني البرازي لتعليق الدراسة في الجامعة.
العمال والموظفون امتنعوا عن الذهاب إلى مراكز عملهم، ومن كان يذهب إلى عملة فكان
لتسيير الأمور والأعمال الضرورية، المحال التجارية أغلقت أبوابها، أضربت سورية عن
جميع الأعمال التجارية والصناعية إضراباً عاماً شاملاً.. الوطن السوري وقف وقفة رجل
واحد في وجه قوات الانتداب الفرنسي؛ مواجهات يومية بين شعب أعزل وبين قوات مزودة
بكل أنواع الأسلحة، وشهيد يتلوه شهيد، والوطن يدفع ضريبة الدم من أجل الاستقلال
والحرية، وليبقى رافع الرأس يعانق أفق السماء.. وكانت تشتد قوه المتظاهرين صلابة
كلما سقط شهيد أو اعتقل وطني (جميل مردم بك، نسيب البكري، محمود البيروتي، سيف
الدين المأمون..) استمرت هذه المعارك ستين يوماً، ودمشق مغلقة جميعها من أقصى
البلاد إلى أقصاها. وتكونت اللجان الشعبية التي تولت عمليات التموين، وجمع التبرعات
وتوزيعها، وكان التجار والأغنياء أسخياء في تبرعاتهم، وأعلن كثير من أصحاب بيوت
السكن أنهم أعفوا المستأجرين من دفع أجرة السكن عن تلك المدة، ومر عيد الأضحى
والمدن مغلقة ومقفلة، وتبرع الأطفال بعيدياتهم للحركة الوطنية...

نهاية الإضراب:

طلب المستعمر الفرنسي إجراء المفاوضات مع
زعماء سورية آنذاك، فتكوّن وفد من الكتلة الوطنية برئاسة هاشم الأتاسي وسعد الله
الجابري وفايز الخوري وعبد الرحمن الكيالي وعفيف الصلح.. وجرت المفاوضات بين الكتلة
الوطنية والمفوض السامي للانتداب دومارتيل يوم 28 من شباط 1936م في مدينه بيروت حول
إيقاف الإضراب وبحث القضية السورية، وفي نهاية المفاوضات أعلن الأتاسي في 2 من آذار
1936م بيانا جاء فيه:

"بعد المحادثات التي دارت بين المفوض السامي ورئيس
الكتلة الوطنية والنتائج التي وصلت إليها أصبحنا نعتقد أن القضية السورية دخلت في
طور جديد بفضل جهود الشعب النبيل ومثابرته في سبيل حقوقه الطبيعية التي كانت منكرة
عليه. وقد وافق الجانب الفرنسي بوثيقة موقعة منه على تنفيذ خمسة أمور جوهرية لم يكن
يقرها قبل هذه المحادثات، هي:

1- الموافقة على أن لا تقل حقوق السوريين في
المعاهدة العتيدة عن حقوق إخوانهم العراقيين في معاهدتهم الأخيرة مع بريطانيا.

2- تصريح الجانب الفرنسي بأنه ليس له مصلحة ما في تجزئة البلاد السورية.
3-
الموافقة على نقل ساحة العمل للعاصمة الفرنسية بواسطة وفد من المواطنين يتولى البحث
مع المراجع العليا في باريس.
4- إعادة الحياة النيابية الحرة بأسرع ما يمكن على
أساس الانتخاب الشعبي.
5- الإلغاء في الحال لجميع الأحداث التي ولدتها الحالة
الحاضرة في البلاد السورية كافة منذ 18 من كانون الأول الماضي أي سنة 1935م إلى
الآن، من عفو عن المحكوم عليهم وإعادة حرية المعتقلين وإطلاق سراح الموقوفين وإلغاء
التدابير الإدارية المتخذة في معاهد العلم.... ولكي يتمكن الوفد من القيام بالمهمة
الشاقة التي توكل إليه نرجو من الأمة النبيلة أن تيسر له جوًّا هادئا فتعود إلى
أعمالها بعد عيد الأضحى 1936م الذي نرجو أن يكون فاتحة خير على هذه البلاد...".


الحرامية:

حكايات وقصص تروى عن بطولات بطل
شعبي سطرها خلال الإضراب الستيني، وما تحقق بقياده الكتلة الوطنية، ومما يقولون أن
السيد أبو أحمد الزيبق تطوَّع لحماية المحلات التجارية من السلب والنهب عندما
كُسِرَتْ أقفالُها في محاولة لفضِّ الإضراب الستيني، وأبو أحمد الزيبق شخصية دمشقية
مجهولة، لم يذكرها المؤرخون في كتبهم، ولم تؤلف عنها القصص المكتوبة أي رواية،
وأذكر أنه نقل عن المرحوم منير العجلاني، أن الزيبق شخصية دمشقية طريفة فهو فقير
يأتي بقوت يومه يوميا، وأن العجلاني حين كان نائبًا في المجلس النيابي، وفي أثناء
دخوله إلى مبنى البرلمان مرتديًا معطفًا شتويًّا، صادف مرور الزيبق من هنالك، فقال
له الزيبق: هل يجوز أن ترتدي يا منير العجلاني معطفًا، وأنا لا أضع على جسمي ما يرد
البرد، فما كان من العجلاني إلا أن خلع معطفه وأعطاه إلى الزيبق.؟ ويقول سامي مبيض
نقلا عن منير العجلاني: إن الفرنسيين عمدوا -في جملة أعمال القتل والقمع للشعب
السوري- إلى خلع أقفال المتاجر لإجبار التجار على فتح متاجرهم خشية تعرضها للنهب..
لكن ما حدث أنه في لقاء جمع بين فارس بك الخوري وفخري البارودي في مكتب الكتلة
الوطنية بالقنوات مع شخص يدعى أبو أحمد الزيبق تعهد هذا الأخير بحماية المتاجر..
والغريب أن من حمى تلك المحلات كانوا من المعروفين بأنهم (حرامية).

في حين
تقول كوليت الخوري: (في أثناء الإضراب الستيني عام 1936م، وعندما عجزت سلطات
الاحتلال الفرنسي عن كسر الإضراب، لجأت إلى كسر أقفال المحال التجارية، وفتحت
أبوابها وجعلتها عرضة للنهب. وفجأة ظهر أمام تلك المحلات شباب مفتولو العضلات
(قبضايات) ظن الفرنسيون أنهم جاؤوا لينهبوها. وقفوا أمامها دون أن يدخلوها. ذهب وفد
منهم لمقابلة قادة الحركة الوطنية. قالوا لهم: بإمكانكم أن تُطمئنوا التجار بأن
محلاتهم لن تمس مهما طال الإضراب. لن نسمح لفرنسا أن تكسر الإضراب. من أنتم أيها
الشباب الطيبون؟ سألوهم. - قطاع طرق!).

وعن نفس الحادثة يقول عبد السلام
العجيلي: ومن أطرف ما جرى أن رئيس عصابة النشل والسرقة وقف في الجامع الأموي معلناً
التوقف عن عمله ما دام الإضراب قائماً والمظاهرات مستمرة... ولم تقع جريمة، لا
صغيرة ولا كبيرة، في جميع أنحاء البلاد خلال شهري الإضراب، وهذا هو إعجاز الثورات
الوطنية التي ترفع الشعب إلى مستويات البطولة والاستشهاد، فقد نشرت جريدة (لو
جورنال دوناسيون) في جنيف رسالة لسيدة سويسرية مقيمة في دمشق جاء فيها: (ومع أن
الإضراب استمر أكثر من خمسين يوماً فإنه لم يحدث حادث من حوادث الجنايات العادية،
وكان الغني يساعد الفقير، وكانت الطبقة المثقفة تقود الإضراب).

النساء:

كانت وما زالت المرأة تمثل عصب المجتمع السوري،
ولها أثرها المميز على الأصعدة كافة؛ فهي الأم والأخت والزوجة، والمناضلة،
والمقاتلة.. هكذا كانت وهكذا ستبقى.. ومما زاد في تماسك الإضراب الستيني واستمراره
اشتراك جميع فئات الشعب حتى النساء والأطفال، وكان للنساء أثر مهم في كل ذلك؛ فقد
تطوعت النساء لتأمين الإعانات الغذائية والمادية للأسر التي تضررت من المظاهرات،
كما شاركن في المظاهرات المطالبة بالاستقلال، وتعرض عدد من النساء الدمشقيات
للاعتقال والسجن، وعندما انتهى الإضراب كان عدد من النسوة في السجن مثل: حفيظة بنت
مصطفى اللحام، أديبة بنت محمود العواد، ليلى بنت الشخ سعيد الحلبي، وحيدة بنت عبد
الحميد الحموي، حميدة بنت الشركس، هدية بنت صالح العاطي، وكان لهن الأثر الكبير في
استثارة النخوة والحمية عند اشتراكهن في تشييع جنازات الشهداء الذين يسقطون في
ساحات الصدام مع الانتداب الفرنسي... وكانت النساء تطل من شرفات البيوت فيزغردن
وينثرن (ماء الورد) على مواكب المتظاهرين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من أسرار دمشق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
step by step :: الوثائق والأحداث التاريخية-
انتقل الى: