step by step
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


بوابة الثقافة والمعرفة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة في حياة ابن خلدون ورحلاته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد شحاته
Web Master
Web Master
محمد شحاته


عدد الرسائل : 376
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 09/01/2008

قراءة في حياة ابن خلدون ورحلاته Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في حياة ابن خلدون ورحلاته   قراءة في حياة ابن خلدون ورحلاته I_icon_minitimeالخميس مايو 29, 2008 5:40 pm

قراءة في حياة ابن خلدون ورحلاته


حري بنا - ونحن في مثل هذه الظروف التي هي ظروفنا - أن
نبذل أقصى الجهود في سبيل توضيح معالم الفكر العربي والثقافة العربية حتى يمكن لنا
استئناف السير واثقي الخطى واضحي النظرة في مجابهة قضايا المصير .. ونحن إذ نتقدم
بهذه الدراسة المتواضعة عن العلامة الكبير ابن خلدون ، ذلك لأنه كان شأنه شأن
الفاتحين حين أبى إلا أن يخاطب أجيال المستقبل في جزء من مقدمته ليسلم إليها ما
يسميه (الكنز العظيم) أو الذخيرة الشريفة) ، هذا الإرث الخالد المتمثل في كتابه
(العبر).
وقد قسمت هذه الورقة إلى محورين:
الأول يتناول النشأة ومرحلة
التأسيس ويتضمن مولد ابن خلدون وخلفيته العلمية وحياته في الشباب وأحداث
العصر.
والثاني يتناول رحلات ابن خلدون ويتضمن رحلاته إلى فاس والأندلس غربا
ورحلاته إلى القاهرة وفلسطين والحجاز والشام شرقا ، فكانت هذه الورقة أشبه ماتكون
بسيرة ذاتية عن المؤرخ العظيم موضوع البحث.

النشأة الأولى ومرحلة
التأسيس
> ولد ابن خلدون بتونس عام سبعمائة واثنين وثلاثين هجرية ، منتميا
لأسرة يمتد نسبها إلى الصحابي الجليل وائل بن حجر ، ومن حفدة وائل بن حجر دخل خالد
بن عثمان إلى الأندلس مع الفاتحين من العرب، واشتهر خالد باسم خلدون تبجيلا وتعظيما
مثل قولهم في الأندلس حمدون وزيدون ، حيث أسس بيت الأسرة الخلدونية في إشبيلية فكان
لهذه الأسرة شأن خطير في التاريخ الإسلامي بالأندلس. ولما تقلص الحكم الإسلامي في
الأندلس هاجرت الأسرة الخلدونية إلى المغرب ، فكان لها في المغرب رسوخ قدم في
الرياستين السياسية والعلمية.
ويرى أحد الباحثين أن ابن خلدون الطفل كان تجسيدا
حيا لتاريخ الأسرة الخلدونية* فقد أراد أن يجمع بين السيف والقلم ، ومن هنا كان حبه
الطاغي لمختلف علوم عصره ، لعل العلم يحمله إلى قصور الأمراء والسلاطين ويقربه إلى
آفاق الأسر الحاكمة.
قرأ القرآن الكريم على يد المكتب لبن عبدالله محمد بن سعدين
برال، وكان إماما للقراءات ، ودرس العربية على يد أبيه وعلى يد ابن عبدالله محمد بن
العربي وأبي عبدالله بن الشواش الزرزالي، وأخذ الفقه عن أبي عبدالله بن محمد
الجياني. كما أخذ العلوم العقلية عن أبي عبدالله محمد بن إبراهيم الابلي.
وساعده
على سعة مداركه وتنمية أرائه في الحياة أسفاره الكثيرة ، متنقلا بين مدن الأندلس ،
وشمال افريقيا ومصر والحجاز والشام.
وقد درس أيضا في جامع الزيتونة للعلوم
الشرعية ، والعلوم الإنسانية والفلسفة والمنطق، على أيدي أشهر علماء وأدباء ذلك
العصر. وكان بالإضافة إلى ذلك شاعرا مجيدا.
إن الشيء الذي يحسب لابن خلدون هو
هذه الموهبة الفذة التي جعلت منه أحد أشهر أعلام التاريخ وعلم الاجتماع من خلفية
علمية أخذت عليه لأنها مكونة في الأساس من القرآن الكريم ومن التراث العربي، في حين
أنتجت فيما بعد فيلسوفا وعالما ومؤرخا يؤمن بجدوى النظر والملاحظة والمقارنة
واستخلاص النتائج من ذات الأشياء وهذه كلها سمات الاتجاه التجريبي في التفكير،
الأمر الذي دفع به إلى أن يعي بعبقرية مدهشة كل نتائج التجارب الإنسانية التي عاشها
وكان هو نفسه أحد عوامل التأثير فيها.
حياته وعصره
> لقد عاش ابن خلدون في
عصره كل شيء فيه يشير إلى أن شمس الحضارة العربية الإسلامية آخذة في الأفول، فالقرن
الثامن الهجري كان بحق قرن التراجعات والكوارث في العالم الإسلامي ، فمن هجمات
التتار شرقا، إلى تقلص حكم العرب في الأندلس غربا، إلى ضعف الأسر الحاكمة وتنافسها
ودخولها مع بعضها في مؤمرات وحروب لا غاية لها ولا نهاية، إلى الطاعون الجارف الذي
خلف الخراب والدمار، إلى التزمت الفكري وانتشار الفكر الخرافي .. كل ذلك خلق أوضاعا
مرتبكة تسودها الفوضى ، من كل جانب ، الذي عاينه وعانى منه ابن خلدون نفسه معاينة
ومعاناة لم يتمالك معها من إعلان يأسه من إمكانية اجتياز (الأزمة) بسلام.
لقد
عاش ابن خلدون مفكرا في النصف الثاني من القرن الرابع عشر ، قريبا من نهاية العصر
الوسيط الذي شهد أهم الانقلابات التي شملت النظام السياسي والنسق الفكري معا. فكانت
أوروبا في ظل هذا القرن تتأثر بتيار تجريبي حاول أن يمضي في الطريق الذي رسمه (روجر
بيكون) وهو فيلسوف انجليزي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي ويعد الرائد الأول
للتيار التجريبي في أوروبا.
كما كانت أوروبا تتأثر بتيار ثان متأثر بالرشدية
اللاتينية الوافدة من الثقافة العربية، وتيار ثالث يحاول في صعوبة التوفيق بين
العلم والدين المسيحي تبعا للاصطلاحات التي كانت شائعة في العصور الوسطى المسيحية
والتي تفرق بين مفهوم وطبيعة الدين في العالم المسيحي.
إلا أن العالم العربي
الإسلامي في ذلك الحين كان مقطوع الصلة بالعالم الأوروبي بعد أن اصطدم به اصطداما
عنيفا دموياً خلال الحروب الصليبية الطويلة.
وكان المغرب العربي على وجه الخصوص
من انقراض دولة الموحدين - تحت سيطرة ثلاث أسر حاكمة هي المرينية في المغرب الأقصى،
والأسرة الحفصية في المغرب الأدنى الذي يضم تونس وإقليم بجاية واقليم قسنطينة ،
بينما في المغرب الأقصى كانت تعيش أسرة بني عبدالواد في صراع مستمر مع الأسرتين
الكبيرتين.
في هذا العصر الحائر بين الأزمات، والذي يسير نحو التفكك والانهيار،
كان على ابن خلدون أن يعيش بآماله الكبار واستعداده العبقري للخلق
والابتكار.
الطاعون والمعركة المفتوحة مع الواقع
> كان لوباء الطاعون
الكاسح في بلاد المغرب في منتصف المائة الثامنة للهجرة والذي قضى على أبويه ومعظم
أساتذته وكبار الشخصيات في عصره ، أثرا كبيرا على مفكرنا العظيم ، فصار لزاما عليه
أن يضاعف همته بغية التزود بالدروس من رموز العلم آنذاك في معركة مفتوحة مع الواقع
لكتابة هذه المأساة حتى لا تضيع من غمر الزمن واستمر في هذه الدروس ثلاث سنوات بعد
الكارثة. شغل بعدها في آواخر عام 751هـ وظيفة كاتب للعلامة السلطان أبي إسحاق بن
أبي يحيى وهو على أبواب العشرين من العمر فأتاحت له هذه الوظيفة الديوانية
المتواضعة أن ينتقل إلى بلاط السلطان حيث يعيش ويراقب حياة القصور كنماذج وعينات
راقية تمثل منتهى ما تصل إليه المدينة في عصره بالإضافة إلى ما يكتنفها من
المؤامرات والدسائس السياسية.
رحلات ابن خلدون
الرحلة إلى فاس
> كان
ذلك ضمن حملة عسكرية اضطر السلطان أبو إسحاق أن يقوم بها، وكان ابن خلدون الشاب من
أفراد حاشيته.. واستمرت هذه الرحلة من المغرب الأوسط إلى المغرب الأقصى حوالي سنتين
كاملتين تنقل خلالها ابن خلدون بين عدة مدن وبوادي وعاشر القبائل وعرف الشيوخ وهنا
أتيح له أن يعايش البدو في واقعهم ، ويتعرف إلى طبائعهم، ويقف على مناحي سلوكهم.
وبعد أن سيطر ابن عنان المريني على المغرب كله قربه منه وفي بلاطه اتصل بالأساتذة
من أهل المغرب ومن أهل الأندلس الوافدين للسفارة فجمع بين علم أساتذة البلاط وخبرة
أهل البادية.
ولكنه أودع السجن بعد أن اتصل بأحد أمراء (بجاية) المخلوعين بتهمة
مساعدة هذا الأمير على استعادة حكمه السابق وظل سجينا لمدة عامين كاملين إلى أن مات
السلطان أبو عنان.. فأطلق السلطان الجديد سراحه.
الرحلة إلى الأندلس
والسفارة
> بعد حوالي تسع سنوات قضاها في البلاط المغربي وصل ابن خلدون إلى
الأندلس عام 764هـ وأقام في ضيافة السلطان أبي عبدالله محمد ثالث ملوك بني الأحمر
وباني مسجد الحمراء العظيم في غرناطة.
وكان قد قدم له ابن خلدون خدمات جليلة
حينما لجأ إلى فاس تحت حكم السلطان أبي سالم. وقد أكرمه السلطان أبو عبدالله وأرسله
سفيرا عنه إلى ملك قشتالة وهناك رأى آثار أجداده بإشبيلية حيث وقف على مجد الأسرة
السياسي.
وبعد عودته للأندلس ونجاحه في مهمة السفارة السياسية أكرمه السلطان
وعاش خبيرا في شؤون البلاط، إلا أن أهل الدسائس والمؤمرات أوغلوا صدر الوزير عليه
فأحس ابن خلدون بالخطر فقرر أن يتجنب الدخول في معركة مفتوحة مع صديقه وأثر العودة
إلى بجاية التي أصبحت في حكم صديقه وحليفه السلطان أبي عبدالله ليتولى أعلى منصب
سياسي في عصره ، وهو منصب الحجابة لسلطان بجاية ، وهو يعني الوساطة بين السلطان
وأهل دولته.
واستمر في هذا المنصب حتى أوجس خيفة منه ، فطلب ابن خلدون الإذن
بالرحيل إلى مكان آخر فأذن له.
الرحلة الثانية للأندلس والخيبة
> قضى ابن
خلدون عشر سنوات من عمره مجربا هذه الحياة دانت له خلالها الخبرة العسكرية،
بالإضافة إلى الدراية السياسية والاقتصادية، ولكنه مع ذلك أحس أن هذه الفترة كانت
من فترات القلقة فقرر الذهاب إلى الأندلس بقصد الاستقرار والدعة، لكن من سوء حظ ابن
خلدون أن شهرته السياسية وقيادته العسكرية لقبائل المغرب كانتا قد سبقتاه إلى
البلاط الأندلسي، مما جعله هذه المرة شخصا غير مأمون الجانب، فلم يجد في هذه الرحلة
ما لاقاه من ترحيب في الرحلة الأولى فعاد أدراجه إلى تلمسان ليقوم بالسفارة بين أبو
حمو وبين قبائل الدواودة ذات الخطر والأهمية.
قلعة ابن سلامة (الرحلة إلى أحياء
أولاد عريف)
> استقر رأي ابن خلدون على خوض غمار الكتابة والتأليف والاستفادة
من التجارب الإنسانية التي عاصرها وشاهدها ليدفع بالمجتمع البشري إلى طريق التقدم
والرقي. واغتنم ابن خلدون تكليفه بمهمة السفارة بين السلطان وقبائل البدو ليغير
مساره، حلقة هذه المرة إلى أحياء (أولاد عريف) حيث أقام هو وأسرته بمكان يطلق عليه
(قلعة ابن سلامة) وسط قبائل جليلة الخطر تعصمه من أهواء الحكام ونزعات السلاطين ..
أقام ابن خلدون بهذه القلعة أربعة أعوام متخليا عن الشواغل كلها ، وشرع في كتابة
مؤلفه الفريد (العبر) وقد أخذ في ترتيبه على أساس مقدمة وثلاثة كتب ، بحيث تختص
المقدمة بعرض المنهج الذي يراه عاصما من الزلل والخطأ ، ويختص الكتاب الأول بتفسير
طبائع العمران البشري والعلاقات التي تربط بين الظواهر ربطا علميا. أما الكتاب
الثاني فهو لتاريخ العرب وأجيالهم ودولتهم، والكتاب الثالث لأخبار البربر ومواليهم
من زناته.
وعندما أتم ذلك أعد نسخة رفعها إلى خزانة السلطان أبي العباس فكانت
تلك هي أول نسخة تعد لكتاب (العبر) كما وصفهاابن خلدون حصيلة من الخبرة والدراسة،
وتعرف هذه النسخة (بالنسخة التونسية).
الرحلة إلى القاهرة ومنصب قاضي
القضاة
> وهنا وجب عليه أن يتحجج لدى السلطان برغبته في أداء فريضة الحج حتى
يسمح له بالمغادرة فركب البحر سنة 784هـ مودعا المغرب ولم يعد إليه بعد ذلك.
كان
الجو مختلفا تماما في القاهرة والمناخ أكثر ملائمة لمراجعة آثار علمه، حيث أتاحت له
القاهرة فرصة التدريس بالأزهر أكبر المعاقل العلمية في العالم الإسلامي، ثم استقبله
السلطان الظاهر برقوق فأكرم وفادته، واستحوذ على إعجابه ، فأصدر قراراً بتعيينه
أستاذا للفقه المالكي بمدرسة (القمحية) للاستفادة بريع أوقافها التي كانت تغل القمح
بأرض الفيوم.
مرة أخرى أصبح ابن خلدون في مواجهة الناس، ولكنه كان صارما في
أحكامه مخالفا السابقين له من القضاة، وهنا بدأت متاعبه في منصبه الجديد، وتعرض
مثلما تعرض في السابق إلى المؤامرات وغضب أصحاب الأهواء.
في هذه الأثناء أصيب
بنازلة جديدة وهي هلاك أسرته على شواطئ الاسكندرية مما سبب له كارثة عنيفة ، فقد
غرقت السفينة التي كانت تحمل إليه أهله وكتبه وكل ما يملك، لكنه ظل رابط الجأش
وأكثر إصرارا على محاولة فهم تصاريف الحياة بالرجوع إلى حقول العلم والاعتكاف على
التدريس والقراءة والتأليف.
بعدها يتم تعيينه أستاذا للفقه المالكي بالمدرسة
(الظاهرية البرقوقية) ولكنه يعزل منها فيقرر أداء فريضة الحج.. بعد عودته من
الأراضي الحجازية، ولاه السلطان تدريس الحديث بمدرسة (صر غتمش) وظل بعيدا عن القضاء
أربعة عشر عاما هجريا، فكانت هذه الفترة الزمنية مناسبة حتى يكتب الجزء الأخير من
كتابه (العبر) الذي يعرفنا بشخصيته وتاريخه ، ورحلاته شرقا وغربا. وبعد أن استكمل
صياغة كتابه قدم منه نسخة إلى السلطان الظاهر برقوق. ويقوم بعدها ابن خلدون بالسفر
لفلسطين لزيارةالأماكن المقدسة وبعد عودته يعزل من جديد من ساحة القضاء (لمبالغته
في العقوبات والمسارعة إليها) فعاد مرة أخرى إلى محراب العلم الذي يرحب به
دائما.
الرحلة إلى الشام ولقاء تيمور لنك التتري
> عندما زحفت جيوش التتار
بقيادة تيمور لنك على بلاد الشام واستيلائه على مدينة حلب وما لحقها من الخراب
والتدمير ، زحف بجيشه نحو دمشق وكانت آنذاك تابعة لسلطان المماليك في مصر، فأراد
ابن الملك الظاهر برقوق، سلطان مصر، التصدي لجيوش التتار، فخرج لقتاله وصحب معه ابن
خلدون وبعض الفقهاء، ولكن ظروف سياسية اضطرت السلطان المصري إلى العودة تاركا
الموقف تحت رحمة القائد التتري الجبار.
وإزاء ذلك اجتمع الفقهاء والقضاة
والأعيان في المدرسة العادلية، وكان معهم ابن خلدون واستقر رأيهم على طلب الأمان من
تيمور لنك وصيانة حرماتهم وممتلكاتهم. وهنا طلب ابن خلدون الإذن بالذهاب للقاء
تيمورلنك لإقناعه بفك الحصار عن دمشق.
قال ابن خلدون يروي قصة هذ اللقاء
التاريخي مع تيمور لنك: لما وقفت بالباب خارج، طلبت الإذن بالجلوس في خيمة هناك،
تجاور خيمة جلوسه، ثم زيد في التعرف باسمي إني القاضي المالكي المغربي فاستدعاني
ودخلت عليه بخيمة جلوسه، وكان متكئاً على مرفقه وصحاف الطعام تمر بين يديه، فلما
دخلت فاتحت بالسلام وأوميت إيماءة الخضوع ورفع رأسه ومد يده إليّ فقبلتها، وأشار
علي بالجلوس فجلست حيث انتهيت ثم استدعى من بطانته الفقيه عبدالجبار بن النعمان من
فقهاء الحنفية بخوارزم، فأقعده يترجم بيننا.
ويروي أيضا أنه عندما التقى الاثنان
على مائدة العشاء ظل القائد التتري يطيل النظر والتأمل في شخصية العالم المغربي
الذي أشار زيه الغريب إلى اختلافه عن العلماء المصريين، وفي نفس الوقت كان ابن
خلدون الذي خبر النفوس البشرية يحدق هو الآخر في وجه القائد التتري لعله يسبر غوره
وينجح في التعامل معه، وما أن بدأ الحديث حتى قص ابن خلدون على القائد التتري تاريخ
التتار حتى وصل بالحديث إلى البلاد الجديدة التي أتى إليها القائد التتري
غازيا.
فهنا أعجب تيمورلنك بابن خلدون وأراد أن يستفيد بعلم المؤرخ العربي، فطلب
منه البقاء للعمل معه، لكن الشيخ المجرب كعادته اعتذر بلباقته المعروفة متعللا
بحاجته إلى مكتبته وكتبه التي لا غنى له عنها واستأذن في العودة فأعاده القائد
معززا مخفورا بالحرس اللازم، ولم يصدق معاصروه أنه نجا بحياته من ذلك الجبار
التتري.
رحلة الخلود (وفاته)
> ظل ابن خلدون في الخمس سنوات الأخيرة من
عمره في صراع وظيفي حول كرسي القضاء ، فقد أقيل من منصبه أكثر من مرة حتى عاد إلى
القضاء للمرة السادسة والأخيرة وذلك في شعبان 808هـ، ومكث أياما قلائل انتقل بعدها
فجأة إلى الرفيق الأعل،ى كان ذلك يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان، وكان عمره
يقارب السادسة والسبعين عاما.
جاء هذا النبأ بعد حياة حافلة مثيرة لذلك المؤرخ
المغربي الكبير، تقترب في وصفها من الشكل الملحمي شأن ما توصف به دائما حياة
العباقرة من عظماء التاريخ.
خرج جثمان ابن خلدون من أحد البيوت القاهرية المطلة
على النيل بعد أن تخلص من زيه المغربي الذي حرص على ارتدائه طوال حياته، وشيع
الجثمان إلى مثواه الأخير في موكب جنائزي مهيب يليق بوداع قاضي القضاة المالكية ،
مخلفا وراءه سر خلوده ، وهو مؤلفه الضخم (كتاب العبر ، ديوان المبتدأ أو الخبر في
أيام العرب والعجم والبربر ، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).
خاتمة
>
يجدر بنا القول إننا في هذه العجالة لا نستطيع إيفاء العلامة الكبير ابن خلدون حقه
من البحث والدراسة لأنه شخصية متميزة فريدة، ولكل هذه الأسباب فإنه يعتبر قامة
سامقة.. ومن العبقريات النادرة في الفكر الإسلامي في القرون الوسطى، موسوعي المعرفة
، عرف بسعة اطلاعه على ما كتبه الأقدمون ، لأنه قام بدراسة أحوال الأمم والشعوب،
والمراحل المختلفة لنمو المجتمعات الإنسانية واضمحلالها، وما يطرأ عليها من تغيير
وتبدل متمتعا بذكاء خارق في استنباط كافة الآراء ونقدها من ناحية ، متميزا بدقة
الملاحظة مع حرية في التفكير حتى ولو كانت مخالفة لآرائه من ناحية أخرى.
وقد
تعززت هذه المعرفة وتجذرت بكثرة أسفاره وتنقله بين بلاد الأندلس والشمال لافريقي ،
ثم سفره وإقامته في المشرق العربي.
كل هذه العوامل مجتمعة كونت وشكلت هذه
الشخصية الفذة بأبعادها المختلفة أخذا وعطاء، فكانت آراؤه في الحياة والمجتمعات
الإنسانية الشغل الشاغل لجمهور الأدباء والمفكرين والمستشرقين على اختلاف مشاربهم
وتنوعها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة في حياة ابن خلدون ورحلاته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة حياة عمر بن الخطاب [الجزء 1]
» حياة هتلر الفاشلة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
step by step :: والفنون و الأدب العرب والعالمي-
انتقل الى: