عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي [1]بن غالب القرشي العدوي[2] . وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب محمد بن عبد الله رسول الإسلام. أمه حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل. يجتمع نسبه مع النبي محمد في كعب بن لؤي بن غالب[3]. لقبه الفاروق وكنيته أبو حفص، وقد لقب بالفاروق لأنه أظهر الإسلام في مكة و الناس يخفونه ففرق الله به بين الكفر و الإيمان[4]. و كان منزل عمر في الجاهلية في أصل الجبل الذي يقال له اليوم جبل عمر، وكان اسم الجبل في الجاهلية العاقر، وكان عمر من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة فهو سفير قريش، فإن وقعت حرب بين قريش و غيرهم بعثوه سفيرا[5
000000000000000000000000000000000
000000000000000000000000000000000
ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة[7]. مظهره و شكله كنا يروى: أبيض تعلوه حمرة، حسن الخدين و الأنف و العينين، غليظ القدمين و الكفين، مجدول اللحم، طويل، أصلع، قوي الجسم ، يخضب لحيته بالحناء.0000000000000000000000000000000000000000000
00000000000000000000000000000000000000000000000000
شأ في قريش و إمتز عن معظمهم بتعلم القراءة. عمل راعي للإبل و هو صغير و كان والده غليظا في معاملته[9]. و كان يرعى لوالده و لخالات له من بني مخزوم. و تعلم المصارعة و ركوب الخيل و الفروسية، و الشعر . و كان يحضر أسواق العرب مصوق عكاظ و مجنة و ذي المجاز، فتعلم بها التجارة[10]، و أصبح يشتغل بالتجارة ، فربح منها وأصبح من أغنياء مكة، و رحل صيفا إلى الشام و إلى اليمن في الشتاء ;اشتهر بالعدل
000000000000000000000000000000000000000
00000000000000000000000000000000000000
جده نفيل بن عبد العزى ممن تتحاكم إليه قريش [12][13]والدته حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، و قيل بنت هاشم أخت أبي جهل، و أكثر الأراء أنها بنت هاشم ابنة عم أبي جهل بن هشام.
تزوج و طلق ما مجموعه سبع نساء في الجاهلية و الإسلام و له ثلاثة عشر ولدا[14]. تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، فولدت له عبدالله و عبدالرحمن الأكبر و حفصة، و تزوج مليكة بنت جرول، فولدت له عبيد الله إلا أنه طلقها فتزوجت من بعده أبو الجهم بن حذيفة. كما تزوج من قريبة بنت أبي أمية المخزومي، ثم تركها لتتزوج من بعده عبد الرحمن ابن أبي بكر. و تزوج أم حكيم بنت الحارث بن هشام أرملة عكرمة بن أبي جهل[15] فولدت له فاطمة و إختلفت الأقوال في طلاقه لها. و تزوج من جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح من الأوس. و تزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، زوجته عبد الله بن أبي بكر من قبله[16]، و التي تزوجت من الزبير بن العوام بعد إغتيال عمر. و كان قد تقدم لخطبة أم كلثوم ابنة أبي بكر الصديق و هي صغيرة فرفضته، ثم تزوج من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب فولدت له زيدا و رقية[17]. و تزوج امرأة من اليمن يقال لها لهية فولدت له عبد الرحمن الأصغر
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
00000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
أسلم عمر في ذي الحجة من السنة السادسة من النبوة وهو ابن سبع وعشرين[18]. و ذلك بعد إسلام حمزة بثلاث أيام[19]. و كان ترتيبه الأربعين في الإسلام. وكان النَّبيُّ صلي الله عليه وسلم قال: "اللَّهُمَّ أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام
[تحرير]
رواية عمر
ذكر أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسلم قال- قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أُعلِّمكم كيف كان بَدء إسلامي؟ قلنا: نعم. قال :كنت من أشد الناس على رسول الله . فبينا أنا يوماً في يوم حار شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش،
فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب؟ أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك الأمر في بيتك.
قلت: وما ذاك؟
قال: أختك قد صبأت. فرجعت مغضباً وقد كان رسول الله يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان من طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين. فجئت حتى قرعت الباب،
فقيل: من هذا؟
قلت: ابن الخطاب وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم. فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم. فقامت المرأة ففتحت لي.
فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! - يريد أسلمت - فأرفع شيئاً في يدي فأضربها به. فسال الدم. فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم قالت: يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلاً فافعل، فقد أسلمت. فدخلت وأنا مغضب، فجلست على السرير، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت،
فقلت: ما هذا الكتاب؟ أعطينيه.
فقالت: لا أعطيك. لَسْتَ من أهله. أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُوْنَ} [الواقعة: 79]. فلم أزل بها حتى أعطيتينيه فإذا فيه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} فلما مررت بـ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي، ثم رجعت إلى نفسي فإذا فيها: {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيْزِ الحَكِيْمُ} [الحديد: 1] فكلما مررت باسم من أسماء اللّه عزَّ وجلَّ، ذعرت، ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِيْنَ فِيْهِ} [الحديد: 7] حتى بلغت إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ} [الحديد: 8]
فقلت: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول اللّه. فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشاراً بما سمعوه مني وحمدوا اللَّه عزَّ وجلَّ. ثم قالوا: يا ابن الخطاب، أبشر فإن رسول الله دعا يوم الاثنين فقال: "اللّهم أعز الإسلام بأحد الرجلين إما عمرو بن هشام وإما عمر بن الخطاب". وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله لك فأبشر. فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم: أخبروني بمكان رسول الله .
فقالوا: هو في بيت أسفل الصفا وصفوه. فخرجت حتى قرعت الباب.
قيل: من هذا؟
قلت: ابن الخطاب . فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب.
فقال رسول الله : "افتحوا فإنه إن يرد اللّه به خيراً يهده". ففتحوا لي وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبيَّ
فقال: "أرسلوه". فأرسلوني فجلست بين يديه. فأخذ بمجمع قميصي فجبذني إليه ثم قال: "أسلم يا ابن الخطاب اللَّهُمَّ اهده"
قلت: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه. فكبَّر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة.
وقد كان استخفى فكنت لا أشاء أن أرى من قد أسلم يضرب إلا رأيته. فلما رأيت ذلك قلت: لا أحب إلا أن يصيبني ما يصيب المسلمين. فذهبت إلى خالي وكان شريفاً فيهم فقرعت الباب عليه.
فقال: من هذا؟
فقلت: ابن الخطاب . فخرج إليَّ فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟
فقال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: لا تفعل. فقلت: بلى، قد فعلت. قال: لا تفعل. وأجاف الباب دوني (رده) وتركني. :قلت: ما هذا بشيء. فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماء قريش فقرعت عليه الباب.
فقال: من هذا؟
فقلت: عمر بن الخطاب . فخرج إليَّ، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟
قال: فعلت؟ قلت: نعم. قال: لا تفعل. ثم قام فدخل وأجاف الباب. فلما رأيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أن يعلم إسلامك؟ قلت: نعم. قال: فإذا جلس الناس في الحجر واجتمعوا أتيت فلاناً، رجلاً لم يكن يكتم السر. فاُصغ إليه، وقل له فيما بينك وبينه: إني قد صبوت فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل، فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه.
فقلت: أعلمت أني صبوت؟
فقال: ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا. فما زال الناس يضربونني وأضربهم. فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب. فقام على الحجر فأشار بكمه فقال: ألا إني قد أجرت ابن أختي فانكشف الناس عني. وكنت لا أشاء أن أرى أحداً من المسلمين يضرب إلا رأيته وأنا لا أضرب. فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين. فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر وصلت إلى خالي فقلت: اسمع. فقال: ما أسمع؟ قلت: جوارك عليك رد. فقال: لا تفعل يا ابن الخطاب . قلت: بلى هو ذاك. قال: ما شئت. فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز اللّه الإسلام.
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
م يهاجر أحد من المسلمين إلى المدينة علانية إلا عمر بن الخطاب، حيث لبس سيفه و وضع قوسه على كتفه و حمل أسهما و عصاه القوية، وذهب إلى الكعبة حيث طاف سبع مرات ، ثم توجه إلى المقام فصلى، ثم قال لحلقات المشركين المجتمعة : "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه و يوتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي". فلم يتبع أحد منهم إلا قوم مستضعفين أرشدهم و علمهم ومضى[20]
و وصل عمر المدينة و معه ما يقارب العشرين شخصا من أهله و قومه، منهم أخوه زيد بن الخطاب، و عمرو و عبدالله أولاد سراقة بن المعتمر، و خنيس بن حذافة السهمي زوج إبنته حفصه،و ابن عمه سعيد بن زيد (أحد المبشرين بالجنة). و نزلوا عند وصولهم في قباء عند رفاعة بن عبد المنذر. و كان قد سبقه مصعب بن عمير و ابن ابي مكتوم و بلال و سعد و عمار بن ياسر.
وفي "المدينة" آخى النبي بينه وبين عويم بن ساعدة[21] و قيل عتبان بن مالك[22] وقيل: معاذ بن عفراء. و قال بعض العلماء أنه لا تناقض في ذلك لإحتمال أن يكون الرسول قد أخى بينه و بينهم في أوقات متعددة
000000000000000000000000000000000000000000000000
00000000000000000000000000000000000000000000
بت أن عمر شهد جميع المواقع و الغزوات التي شهدها النبي محمد[24] ففي غزوة بدر كان عمر ثاني من تكلم ردا على الرسول محمد عندما إستشارهم قبل الغزوة بدر بعد أبو بكر الصديق، فأحسن الكلام و دعا إلى قتال المشركين. و قد قتل عمر خاله العاص بن هشام في تلك الغزوة. و في غزوة أحد رد عمر على نداء أبي سفيان حين سأل عمن قتل. و في غزوة الخندق صلى العصر فائتا مع الرسول محمد بعد أن غابت الشمس[25
0000000000000000000000000000000000000000000000
عند الشيعة
يقول الشيعة أنه حين ذهب لبيت الإمام علي ليأخذ منه البيعة لأبي بكر الصديق تسبب في ضرب فاطمة الزهراء بالسوط ويقال إنها توفيت متأثرة بجراحها. [26]
[تحرير]
عند أهل السنة
يقول أهل السنة أنه ذهب ليأخذ البيعة لكنه لم يتسبب في تلك الحادثة.
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
بايعة أبي بكر
بعد وفاة النبي محمد إجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة فذهب أبو يكر و عمر إليهم و أختلف الناس في من يخلف النبي في الحكم، فقال أبو بكر لهم بايعوا عمر أو أبا عبيدة[27]، فقال عمر: "بل نبايعك أنت" و خاطب الأنصار قائلا : "يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس فأيَّكـم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر" فبايع عمر أبو بكر و بايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار[28] و في اليوم الثالي و لدى صعود أبو بكر المنبر سبقه عمر بالكلام ، فحمد الله و أثنى علية و قال: "أيها الناس ، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ، ولا كانت عهداً عهده إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا ، يقول : يكون آخرنا ، وإن الله قد أبقى فيكم كتاب الله الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له ، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثاني اثنين إذ هما في الغار ، فقوموا فبايعوه" فبايع الناس أبا بكر بيعة عامة ، بعد بيعة السقيفة [29].
[تحرير]
محاربة مانعي الزكاة
بعد وفاة النبي محمد، إرتد قسم من العرب و رفض البعض الأخر دفع الزكاة، فقرر أبو بكر قتالهم جميعا، فقال له عمر: "كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله". فقال له أبو بكر :"والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه". فقال عمر بعد ذلك لمن معه "فوالله ما هو إلا أني رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق"[30]
[تحرير]
إعطاء أبو بكر أرضا للأقرع بن حابس و عيينة بن حصن
حصل أن ذهب عيينة بن حصن و الأقرع بن حابس إلى أبي بكر فطلبا منه أن يهبهما أرض سبخة (ليس فيها كلأ ولا منفعة) ليحرثاها و يزرعاها فقبل أبوبكر بعد مشاورة من معه و كتب لهم بذلك و طلب منهما إشهاد عمر على ذلك، فذهبا يبحثان عنه فوجداه يدهن بعيرا له بالقطران، فقالا : "إن أبا بكر قد أشهدك على ما في هذا الكتاب أفنقرأ عليك أو تقرأ ؟" فقال لهما :"أنا على الحال التي ترياني فإن شئتما فاقرآ وإن شئتما فانتظرا حتى أفرغ فأقرأ"، فقالا : "بل نقرأه" ، فلما سمع عمر ما كتبه الصديق في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل فيه فمحاه فتذمرا وقالا مقالة سيئة فقال عمر: "إن رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذَليل ، وإن اللّه عز وجل قد أعز الإسلام فاذهبا فاجهدا عهدكما لا أرعى اللّه عليكما إن رعيتما" فذهب الرجلان إلى أبي بكر وهما متذمران فقالا : "واللَّه ما ندري أنت الخليفة أم عمر" فقال : "بل هو لو كان شاء" ، ثم جاء عمر غضبان و قال للصديق : "أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين الرجلين أرض لك خاصة أَم هي بين المسلمين عامة ؟" قال الصديق : "بل هي بين المسلمين عامة" فقال عمر : "فما حملك على أَن تخص هذين بها دون جماعة المسلمين" قال الصديق: "استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك" ، فأجاب عمر : "آستشرت هؤلاء الذين حولك ؟ أكل المسلمين أوسعت مشورة ورضى ؟" فقال أبو بكر : "قد كنت قلت لك إنك أقوى على هذا الأمر مني ، ولكنك غلبتني"
000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
اختيار:
لقد قال فيه عمر يوم أن بويع بالخلافة: رحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده. ولقد كان عمر قريبًا من أبى بكر، يعاونه ويؤازره، ويمده بالرأى والمشورة، فهو الصاحب وهو المشير.
وعندما مرض أبو بكر راح يفكر فيمن يعهد إليه بأمر المسلمين، هناك العشرة المبشرون بالجنة ، الذين مات الرسول وهو عنهم راضٍ. وهناك أهل بدر ، وكلهم أخيار أبرار، فمن ذلك الذى يختاره للخلافة من بعده؟ إن الظروف التى تمر بها البلاد لا تسمح بالفرقة والشقاق؛ فهناك على الحدود تدور معارك رهيبة بين المسلمين والفرس، وبين المسلمين والروم. والجيوش في ميدان القتال تحتاج إلى مدد وعون متصل من عاصمة الخلافة، ولا يكون ذلك إلا في جو من الاستقرار، إن الجيوش في أمسِّ الحاجة إلى التأييد بالرأى، والإمداد بالسلاح، والعون بالمال والرجال، والموت يقترب، ولا وقت للانتظار، وعمر هو من هو عدلا ورحمة وحزمًا وزهدًا وورعًا. إنه عبقرى موهوب، وهو فوق كل ذلك من تمناه رسول الله يوم قال: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، عمر بن الخطاب وأبى جهل بن هشام" [الطبرانى]، فكان عمر بن الخطاب. فلِمَ لا يختاره أبو بكر والأمة تحتاج إلى مثل عمر؟ ولم تكن الأمة قد عرفت عدل عمر كما عرفته فيما بعد، من أجل ذلك سارع الصديق باستشارة أولى الرأى من الصحابة في عمر، فما وجد فيهم من يرفض مبايعته، وكتب عثمان كتاب العهد، فقرئ على المسلمين، فأقروا به وسمعوا له وأطاعوا.
إنه رجل الملمات والأزمات، لقد كان إسلامه فتحًا، وكانت هجرته نصرًا، فلتكن إمارته رحمة، ولقد كانت؛ قام الفاروق عمر بالأمر خير قيام وأتمه، وكان أول من سمى بأمير المؤمنين.