المرحلة السابعة
الذهاب إلى العراق، وإنشاء قاعدة للعمليات، واتخاذ الكوفة عاصمة له
بعد أن يخضع للإمام المهدي مكة والمدينة وما بينهما لسلطانه، يتجه إلى العراق وإلى الكوفة بالذات، وقد روى الإمام الباقر: (أن الإمام المهدي يدخل الكوفة، وفيها رايات ثلاث قد اضطربت، فتصفو له، ويدخل حتى يأتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء)... (الحديث رقم 838).
وروى الإمام الباقر أيضا: (كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد. (الحديث رقم 836). وروى الإمام الباقر أيضا (بأن الكوفة ستكون عاصمته... ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه، والقوم من بعده، وهي منازل الأنبياء والأوصياء والصالحين)...
(الحديث رقم 939).
لماذا اختار الإمام المهدي العراق قاعدة للعمليات والكوفة عاصمة له ؟
لأن العراق نقطة تجمع كبرى لشيعة أهل بيت النبوة، ففيه أعوانه وأنصاره ولأن العراق مجاور لبلاد الشرق / فارس وما حولها، تلك البلاد التي تضم نخبة.
الصفحة 286
شيعة أهل بيت النبوة، ولأن في إيران آنذاك حكم موالي لأهل بيت النبوة وجند مجندة للمهدي وهم حملة الرايات السود، ولأن الكوفة عاصمة أبيه التي شهدت انتصار الحق وهزائمه، ويريدها الإمام المهدي أن تشهد انتصار الحق الأعظم، وهزيمة الباطل الساحقة، ثم إن الإمام المهدي يتصرف بتوجيه رباني، وبعهد من رسول الله.
المرحلة الثامنة
قاعدة الإمام المهدي وقيادة عملياته العسكرية
يفهم من الأحاديث النبوية، ومن أحاديث أئمة أهل بيت النبوة، بأن الإمام المهدي سيجعل من مدينة الكوفة قاعدة له، ومنطلقا لأعماله الحربية، ومقرا لقيادة عملياته العسكرية، فمنها يسير الجيوش، ومنها يصدر أوامره إلى أنصاره في مختلف البلاد.
القضاء على السفياني وحركته
يبدو من الأحاديث بأن السفياني سيخطط للاستيلاء على كافة البلاد العربية والإسلامية وتكوين امبراطورية أموية تسخر كافة طاقاتها ومواردها لإجهاض حركة الإمام المهدي والقضاء عليه، وتنفيذا لهذا المخطط يسير السفياني سراياه وجيوشه إلى فلسطين والأردن وسوريا والعراق والجزيرة، ويشتبك عسكريا مع الأتراك ويكتب إلى الإيرانيين للدخول في طاعته وإلا غزاهم!
وعندما يعلم السفياني بظهور الإمام المهدي ومبايعة أهل مكة وبعزم المهدي على المسير إلى المدينة، ومنها إلى العراق، عندها يجن جنون السفياني ويجهز جيشا كبيرا من خيرة قواته، ويأمره بالزحف على الحجاز والقضاء على المهدي وحركته، ولكن الله تعالى يخسف الأرض بذلك الجيش ولا ينجو منه غير اثنين، ويتلقى السفياني بهذا الخسف ضربة معنوية ساحقة تقصم ظهره عمليا، وتنهي أمره، وتبدأ جيوشه الأخرى بالتراجع، ويفقد بعضها الاتصال بقيادته، وتتفكك قواته، وتنهار روحها المعنوية تماما، بالوقت الذي تكون فيه قوات الإمام المهدي وأنصاره يطاردون بقايا جيوش السفياني، ويبدو أن السفياني قد يسلم قيادة أكثر من.
الصفحة 287
جيش من جيوشه إلى أمويين (سفيانيين)، وأن الناس سيطلقون مصطلح السفياني على كل قائد من قادة تلك الجيوش، لكن القادة الأمويين يخضعون في النهاية لقيادة كبيرهم وعميد البيت الأموي ووارث أحفاده وهو المعروف بالسفياني وهو المقصود بالأحاديث النبوية، وتشير الأحاديث النبوية، وأحاديث أئمة أهل بيت النبوة، بأن الإمام المهدي وأنصاره سيقضون على حركة السفياني، وعلى أنصاره، وأن السفياني نفسه سيبايع الإمام المهدي، ثم ينقض البيعة، وأن الإمام المهدي سيقتله. (راجع الأحاديث رقم 346 و 348 و 349 و 350 و 353 والحديث رقم 658).
فتح كافة حصون الضلالة والقضاء على الجبارين وأبنائهم وتطهير الشرق من الظلمة وأعداء الله
وتبين الأحاديث النبوية، وأحاديث أئمة أهل بيت النبوة بأن الإمام المهدي بعد قضائه على السفياني وحركته وأثناء ذلك سيتابع عملياته الحربية ويفتح كافة حصون الضلالة في الشرق خاصة العالم الإسلامي، وسيطهر العالم الإسلامي من أعداء الله ومن أئمة الضلالة، (راجع الأحاديث أرقام 79 و 340 و 23 و 479 ج 1 و 238). وستكون أول ألويته موجهة إلى الترك. ويبدو واضحا بأن الإمام المهدي سينجح بتوحيد العالم الإسلامي، كله، وإخضاعه لسلطانه، وخلال سعي الإمام المهدي لتوحيد العالم الإسلامي يعقد هدنة مع الروم تدوم سنين أو المدة التي يستغرقها الإمام المهدي لتوحيد العالم الإسلامي وإخضاعه لسلطانه. (راجع الحديث رقم 223 و 223 ج 1). ويبذل المهدي جهده لاستمرار هذه الهدنة، ويتغاضى في البداية عن نقض الروم لتلك الهدنة، لأن غاية المهدي كما يبدو ستكون منصبة على توحيد العالم الإسلامي من خلفه قبل الدخول بحرب شاملة مع الروم، ويفهم من الأحاديث والروايات المتعددة بأن الإمام المهدي سينجح بتوحيد الأمة الإسلامية قبل أن يصطدم على نطاق واسع مع الروم، وتظهر تلك الروايات الإمام المهدي بصورة القوة الوحيدة في العالم الإسلامي، فله وجود في العراق والجزيرة، والشام وفلسطين والأردن وإيران، واليمن، ويتصرف في هذه الصفحة 288
المناطق تصرف السلطان الأوحد. راجع عصر الظهور ص 207 وما فوق، وأن التواجد الملحوظ للروم في ما بعد ناتج عن غزو شامل يقوم به الروم للعالم الإسلامي بعد أن تفهموا حجم المخاطر التي ستشكلها دولة الإمام المهدي على أنظمة الحكم السائدة في بلاد الغرب.
سعي الإمام المهدي لتجنب المواجهة مع الغرب
بعد أن يوحد الإمام المهدي العالم الإسلامي، ويقضي على جبابرته، ويفتح كافة حصون الظلام فيه يبدأ الإمام المهدي بالاستعداد لمواجهة الغرب لفتح حصون الضلالة فيه، والقضاء على جباريه وعلى حكم الظلمة فيه، ونشر الإسلام في بلاد الغرب.
ويبدو أن خطة الإمام المهدي ستتركز على عزل ظالمي الغرب عن شعوبهم، وإقناع شعوب الغرب بأنه لا مصلحة لها بالدخول في حرب مع الإمام المهدي، لأن الإمام المهدي مهمته أن ينقذ العالم من قبضة الظالمين الجبابرة، وأن يطهر الأرض من وجودهم، وأن الله والمهدي والشعوب المظلومة يقفون في معسكر واحد ضد الظلمة.
وعلى هذا وخدمة لهذا التوجه وبتوجيه إلهي يقوم الإمام المهدي باستخراج تابوت السكينة من بحيرة طبرية، ويستخرج النسخة الأصلية من الإنجيل والنسخة الأصلية من التوراة، ويعلن الإمام المهدي وبكل وسائل الإعلان عن حيازته لهذه الأدلة المادية القاطعة، والبراهين الساطعة، ويلوح بعصا موسى وبحيازته لها، وبكافة الآيات والمعجزات التي خصه الله تعالى بها، ويفاخر بأن عيسى بن مريم وزيره وتابعه ومن يصلي خلفه، وسيحاول الإمام المهدي أن يفتح أبواب الحوار بينه وبين العالم الغربي، وأن يتجنب الحرب معه ما وسعه الجهد طمعا بتجنيب شعوب العالم الغربي ويلات حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. (راجع أحاديث استخراج التابوت، والتوراة والإنجيل ذوات الأرقام 203 و 226 و 225 و 227).
وخدمة لهذا التوجه يعقد الإمام المهدي معهم هدنا متعددة، ويغض الطرف عن نقضهم لتلك الهدنة، وتجري مبادلات تجارية بين دولة المهدي والعالم.
الصفحة 289
الغربي حيث يختلف التجار المسلمون إلى بلادهم، وتجار الغرب إلى العالم الإسلامي، ويحاول الإمام المهدي أن يفتح أبواب الحوار بين الشرق والغرب وأن يوظف حالة الهدنة لصالح السلام الهادف. (راجع الحديث رقم 224 ج 1).
المواجهة المسلحة مع الغرب
يعقد الإمام المهدي مع الغرب هدنة، (الحديث رقم 221)، فينقضوها، ثم يعقد معهم أربع هدن فينقضونها أيضا، (الحديث رقم 222)، ويعبر الإمام المهدي عشر سنين، (الحديث رقم 223 و 224)، ويفسر قادة الغرب رغبة الإمام المهدي بتجنب المواجهة العسكرية تفسيرا خاطئا، أو يكتشفون ما يرمي إليه الإمام المهدي، ويدركون خطورة الرجل، وقدرته على التأثير على شعوبهم، وقوة حجته ونجاعة الأدلة المادية التي يحوزها من تابوت وتوراة وإنجيل وعصا موسى، والتأثير الساحق لوجود المسيح ابن مريم معه، لذلك يتناسى أئمة الضلالة في الغرب كافة خلافاتهم، ويوحدون جيوشهم، ويسلمون قيادتهم لأحد ملوكهم ثم يتفقون على شن حرب شاملة على دولة الإمام المهدي، ويستغلون هدنهم مع المهدي لإتمام استعداداتهم العسكرية، ويبدو أن أئمة الضلالة في الغرب يجهزون جيشا قوامه 960 ألف مقاتل، وثمانمائة سفينة. (راجع الحديث رقم 223 والحديث رقم 232))، ويبدو أيضا بأن الطرفين سيتواجهان في أرض أفريقيا، (الحديث رقم 232)، وأن الكفة سترجح لصالح المهدي وجنده، وأن قادة الغرب سينسحبون لإعادة تنظيم قواتهم، ثم يقبلون حيث سترسو سفن الروم الغازية من صور إلى عكا عندئذ تبدأ الملاحم. (راجع الحديث رقم 224)، ويبدو أن نصارى المنطقة سيكتشفون خطورة الإمام المهدي، وستجري بين قياداتهم وقيادة جيوش الغرب اتصالات، وأن النصارى سيقدمون مساعدة للجيوش الغربية الغازية، (الحديث رقم 235).
الملحمة العظمى بين الإمام المهدي وجنده وبين الروم والترك واليهود
يبدو من الأحاديث النبوية أن قادة الغرب سيتحالفون مع الترك ومع اليهود.
الصفحة 290
ضد الإمام المهدي، (راجع الحديث رقم 215 و 216 و 217). وأن القوات المتحالفة ستحصل على موضع قدم لها في أكثر من موقع، وتشتبك مع المسلمين في أكثر من جهة، ربما طمعا بإجبار الجيش الإسلامي على تشتيت قواه، ويبدو أيضا بأن القوات المتحالفة قد جندت جيشا عظيما لم ير الشرق في تاريخه له مثيلا فقد روي عن النبي قوله... ثم يأتيكم في ثمانين غاية تحت كل غاية اثني عشر ألفا. (الحديث رقم 223 والحديث رقم 226)، ويبدو أن قوات التحالف ستكون مصممة على هزيمة الإمام المهدي وجنوده، لأن الأوامر المعطاة لقيادة تلك القوات بالقيام بحرق المراكب والسفن بعد رسوها في ساحل الشام ليشعر الجيش المتحالف أنه يقاتل دفاعا عن نفسه ويضطر إلى الثبات والاستبسال في القتال.
(راجع الحديث رقم 236)، وينجح الغزاة ويستولون بالفعل على أكثر بلاد الشام برها وبحرها، ويخربون بيت المقدس ولا يبقى من بلاد الشام بأيدي المسلمين إلا دمشق والمقسق وهو جبل بأرض الشام، ويبدو أن الإمام المهدي يطلب من عماله على بقية الولايات الإسلامية إمداده، وأن هذه الإمدادات ستبدأ بالوصول، فيصل من اليمن 70 ألف مقاتل، ويحاول الإمام المهدي أن يجمع الجزء الأكبر من قواته بالشام بعد أن تيقن من أن القوة الضاربة لقوات التحالف في الشام، ويبدو أن المهدي ستكون قيادته الميدانية في أنطاكية، وهنالك ستنشب معركة كبرى بين الطرفين يستشهد فيها ثلاثون ألف مسلم منهم سبعون أميرا من أولياء الله، ويتدفق الدم بغزارة من الطرفين حتى تخوض الخيل بالدم. (راجع الحديث رقم 235)، ويصب الله غضبه على الروم فيهزمون هزيمة ساحقة، ويبدو أن هذه المعركة وذيولها ستقصم ظهر الروم وحلفائهم لأنهم عندما قرروا غزو البلاد الإسلامية جندوا كافة طاقاتهم، ورجالهم القادرين على حمل السلاح، وتركوا بلادهم مفتوحة.
وقد خسر الروم بهذه الملاحم قرابة ستمائة ألف مقاتل عدا الجرحى والمفقودين، ويبدو أن الإمام المهدي سيعرف حقيقة الوضع العسكري في بلاد الغرب بدليل أنه وبعيد هذه الملاحم بقليل، يجهز ألف وخمسمائة مركب، لتحمل جيشه المؤلف من أربعة أجناد وهم جند المشرق، وجند المغرب، وجند الشام،.