نشأت الصناعة في مصر منذ الحضارة المصرية القديمة وعرف قدماء المصريين استخراج المعادن كالنحاس والفضة والذهب ، ونجحوا فى صهرها وتصنيعها ، وعرفوا صناعة الآلات والأدوات الزراعية والمعدات الحربية و صناعة الخزف وصناعة بناء السفن وصناعة المنسوجات الكتانية وصناعة عصر الزيوت ، وبرعوا فى صناعة الحلى المرصعة بالأحجار الكريمة ، وتشهد الآثار المعروضة بالمتاحف التاريخية على دقة الصناع المصريين القدماء وجمال مشغولاتهم .
وفى العصر الحديث شهدت مصر نهضة صناعية فى القرن الـ 19 على يد " محمد على " الذى شهد عصره إرساء قاعدة صناعية كبرى ، شملت صناعة المنسوجات وصناعة السكر وعصر الزيوت ومضارب الأرز وازدهرت الصناعات الحربية وتم إقامة ترسانة لصناعات السفن ومصانع لتحضير المواد الكيماوية .
وقد قاد بنك مصر الذى تم تأسيسه عام 1920 برؤوس أموال مصرية حملة للنهوض بالصناعة المصرية ، ونجح البنك فى تأسيس قاعدة صناعية شملت سلسلة من الشركات والمصانع الكبرى نجحت فى إقامة صناعة مصرية متطورة ، ورفع المصريون شعار " المصرى للمصرى " ونجح هذا الشعار فى حماية المصنوعات المصرية .
وجاءت ثورة يوليو عام 1952 لتستكمل الطريق بإرساء مشروعات رائدة من الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب والصناعات التعدينية والبترولية والصناعات الكيماوية بالاضافة إلى صناعات الغزل والنسيج والصناعات الغذائية ، ثم جاءت الفترة ( 1967 – 1973 ) حيث أثرت الحرب على أداء القطاع الصناعى سلبا ، ليعاود بداية انتعاش بعد نصر أكتوبر 1973 وتطبيق سياسة الانفتاح الإقتصادى .
واستمر التطور فى مجال الصناعة بعد ذلك حتى عام 1974 حيث صدر قانون الاستثمار لرأس المال العربي والأجنبي بهدف تشجيع الاستثمار الصناعي في مصر وكذلك جذب مدخرات المصريين فى الخارج .. وأعقب ذلك إعلان سياسة الانفتاح الاقتصادي .
وباستقرار مصر على طريق السلام ، بدأت مصر مرحلة جديدة على طريق التنمية الصناعية ، وأصبح شعار " صنع فى مصر " هدفا قومى وسعى قطاع الصناعة لتنمية المنتج المصرى ، ومع تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادى التى بدأت فى التسعينيات من القرن الماضى تزايد دور القطاع الخاص فى تحقيق التنمية الصناعية ، وحظى قطاع الصناعة بالعديد من المزايا والتيسيرات وتزايدت الاستثمارات الموجهة للأنشطة الصناعية .
ومع بدايات القرن الحادى والعشرين بدأت مصر مرحلة من مراحل النهوض بالصناعة المصرية ، بعد ارتباط الصناعة بالتجارة الخارجية والداخلية تحت وزارة واحدة ، أخذت على عاتقها مهمة تحقيق النقلة النوعية للاقتصاد المصرى ، ورفع القدرة التنافسية للمنتج المصرى وتحديث الصناعة المصرية فى إطار برنامج متكامل يساهم فى رفع الصادرات للانضمام بفاعلية فى الاقتصاد العالمى ، بالإضافة إلى توفير البيئة الملائمة للنشاط الصناعى والتجارى لتشجيع القطاع الخاص للاضطلاع بالدور الرئيسى فى تحقيق التنمية الاقتصادية .
يمثل قطاع الصناعة مرتبة متقدمة من حيث الأهمية بالنسبة للاقتصاد القومى المصرى ،فهو يأتى فى مقدمة القطاعات الاقتصادية من حيث مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى ( حوالى 17.5 % عام 2005 – 2006 ) ، بالإضافة إلى علاقته التشابكية القوية مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية ، علاوة على دوره فى تنمية التجارة الخارجية وتحسين ميزان المدفوعات .
وقد بلغت مساهمة القطاع الصناعى فى الإنتاج المحلى الإجمالى نحو 275.3 مليار جنيه عام 2005/2006 , ساهم القطاع الخاص بنحو 223.9 مليار جنيه بنسبة 81.3% وساهم القطاع العام بنحو 51.5 مليار جنيه بنسبة 18.7%.
شهد عام 2007 انطلاق مشروع الألف مصنع فى قطاع الصناعة ويسير المشروع بمعدلات اعلى من المستهدف حيث بلغ عدد المصانع الكبيرة والتى تصل إستثمارتها لاكثر من 15 مليون جنيه والتى اضيفت إلى قطاع الصناعة ودخلت مرحلة الانتاج 283 مصنعا كبيرا منها 169 مصنعا جديدا و114 توسعا فى مصانع قائمة قيمتها 15 مليون جنيه فأكثر وذلك حتى نهاية نوفمبر 2007 .
حيث بلعت إجمالى إستثمارات المصانع الكبيرة التى تم إنشاؤها حتى نوفمبر 2007 17 مليار و633 مليونا و128 الف جنيه ووفرت 76 الفا و527 فرصة عمل، مشيرا إلى ان هذه الاستثمارات تمثل فقط المصانع التى دخلت مرحلة الانتاج الفعلى .
ان التوزيع القطاعى للمصانع الكبيرة يشمل 73 مصنعا فى قطاع الصناعات الغذائية بتكلفة إستثمارية 3 مليارات و438.2 مليون جنيه وأتاحت 14 الفا و50 فرصة عمل و72 مصنعا فى قطاع الغزل والنسيج بتكلفة إستثمارية 2 مليار و626 مليون جنيه وتوفير 8 ألاف و569 فرصة عمل 56 ممصنعا فى قطاع الصناعات الكيماوية بتكلفة إستثمارية 6 مليارات و879 مليون جنيه وأتاحت 9 ألاف و939 فرصة عمل و15 مصنعا فى قطاع مواد البناء بتكلفة إستثمارية مليار و44 مليون جنيه توفر 8 ألاف و965 فرصة عمل و11 مصنعا للمنتجات الورقية .
تم إنشاء 166 مصنعا متوسطا- يتراوح رأسمالها من 5 إلى 15 مليون جنيه- بتكلفة إستثمارية 247 مليونا 811 الف جنيه وتوفر 117 الفا و55 فرصة عمل حتى نوفمبر 2007 منها 41 مصنعا لصناعات الغزل والنسيج بتكلفة إستثمارية 337 مليون جنيه وتوفر 10 الاف و260 فرصة عمل و39 مصنعا للصناعات الغذائية بتكلفة إستثمارية 269 مليونا و144 الف جنيه ووفرت 2269 فرصة عمل و32 مصنعا للصناعات الكيماوية بتكلفة إستثمارية 226 مليونا و607 ألاف جنيه ووفرت 1503 فرص عمل و29 مصنعا فى قطاع الصناعات الهندسية بتكلفة إستثمارية 205 ملايين و43 الف جنيه وتوفر 1863 فرصة عمل و10 مصانع لمواد البناء بتكلفة إستثمارية 71 مليونا 83 الف جنيه وتوفر 888 فرصة عمل .
مقومات الصناعة فى مصر
تتوافر فى مصر مقومات كثيرة ساعدت على قيام الصناعة بها مثل :
العمالة الوفيرة رخيصة الثمن ، ورأس المال خاصة بعد تشجيع الحكومة للمستثمرين وتهيئة المناخ الملائم لفرص الاستثمار ومنح المستثمرين العديد من التيسيرات والتسهيلات ، كما تتوافر أيضاً وسائل النقل حيث يوجد فى مصر شبكة مواصلات متنوعة تسهل نقل السلع والمنتجات إلى الأسواق المحلية والعالمية , إضافة إلى توافر الخامات اللازمة للتصنيع مثل الخامات النباتية المتمثلة فى الخضر والفاكهة والقطن والكتان والسمسم والقصب والبنجر وغيرها ، أيضاً توافر الخامات الحيوانية مثل الألبان والجلود التى تستخدم فى المصنوعات الجلدية .. بالإضافة إلى توافر المعادن المختلفة مثل النحاس والزنك والرصاص والكروم والحديد والنيكل والتنجستين والفوسفات والبازلت والألمونيوم والفحم والكبريت وملح الطعام والمنجنيز والكاولين والقصدير والجرافيت والكوارتز والتتاليم والليسيوم والبوتاس . وجميعها تستخدم فى الصناعات المختلفة.
برنامج تحديث الصناعة المصرية :
فى إطار الشراكة المصرية الأوروبية بدأت مصر فى تنفيذ برنامج تحديث الصناعة المصرية منذ عام 2002/2003 وهو يهدف إلى زيادة القدرة التنافسية للمنتج المصرى وتحقيق المزيد من قدرة الصناعة المصرية على الاندماج فى الاقتصاد العالمى ،ويساهم البرنامج أيضا فى خلق فرص جديدة للعمل وزيادة الدخل القومى نتيجة لزيادة حجم الصادرات الصناعية.
وتبلغ تكلفة برنامج التحديث الإجمالية 437 مليون يورو ، يساهم الاتحاد الأوروبى فى البرنامج بمنحة قدرها 250 مليون يورو بنسبة 59% من إجمالى التكلفة ، وقد بلغ عدد المصانع المستفيدة من البرنامج خلال الثلاث سنوات الأولى من العمل 430 منشآة ، وقد تم تولى مركز تحديث الصناعة المصرية الإشراف الكامل على تنفيذ البرنامج منذ عام 2005/2006 ، ونجح فى تنفيذ البرنامج فى عدد 3400 منشآة فى إطار تنفيذ خطة التحديث، وبلغ حجم التمويل لنشاط التحديث 146 مليون يورو خلال هذا العام ، وقد تقرر تخصيص 145.6 مليون يورو لتمويل نشاط برنامج تحديث الصناعة المصرية خلال عام 2006/2007 لتصل عدد المنشآت التى تستفيد من البرامج إلى عدد 7300 منشآة .
تطور الإنتاج الصناعى :
فى إطار الجهود المستمرة التى يبذلها القطاع الصناعى لدعم قاعدة الصناعات المصرية ودفع المنتج الصناعى المصرى ليحتل مكانة مناسبة فى الأسواق الخارجية ، تمت زيادة الطاقة الإنتاجية فى عدد الصناعات الأساسية بنسبة 25% خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية ، كما نجحت الصناعة المصرية فى دخول مجالات جديدة مثل الصناعات التكنولوجية المتقدمة وصناعات البرمجيات الإلكترونية الدقيقة .
ويرتكز البنيان الصناعى فى مصر على سبع صناعات تشكل أكثر من 80% من المؤسسات الصناعية ، وتتركز أضخم ثلاثة أنشطة صناعية فى صناعة النسيج وصناعة المواد الغذائية والمشروبات وصناعة الأثاث ، ويليها الصناعات التعدينية والصناعات الكيميائية والمعادن الأساسية .
وبالنظر إلى التوزيع القطاعى للإنتاج الصناعى خلال عام 2005 ، تلاحظ أن الصناعات الهندسية والإلكترونية والكهربائية احتلت المرتبة الأولى حيث بلغ نصيبها حوالى 30% من إجمالى قيمة الإنتاج الصناعى ، يليها قطاع المواد الغذائية والمشروبات والتبغ 23% ، ثم الصناعات الكيماوية 15% ، والغزل والنسيج والملابس والجلود حوالى 10% ، وهذه القطاعات الأربعة هى الأهم فى الاقتصاد المصرى من حيث عدد المنشآت الصناعية ومن حيث مساهمتها فى الانتاج الصناعى الإجمالى ومن حيث قدرتها على استيعاب العمالة ومستوى الأجور ، فقد استحوذت فى عام 2005 على نحو 78% من قيمة الإنتاج الصناعى ، و 58% من إجمالى الاستثمارات الصناعية ونحو 79% من إجمالى العاملين .
وقد حقق الإنتاج الكمى الصناعى تطورا مطردا فى العديد من الصناعات ، وخلال عام 2005/2006 بلغ الإنتاج الكمى لصناعة الغزل والنسيج حوالى 305 آلاف طن غزل وحوالى 315.1 مليون قطعة ملابس ، وفى مجال مستلزمات التشييد والبناء تم إنتاج 33060 ألف طن من الأسمنت وحوالى 4954.9 ألف طن من حديد التسليح ، وفى مجال الصناعات الغذائية تم إنتاج 1645 ألف طن من السكر المكرر وفى مجال إنتاج علف الدواجن والحيوانات تم إنتاج 10597 ألف طن ، وفى مجال صناعة الأسمدة تم إنتاج 10810 ألف طن من الأسمدة الأزوتية ونحو 1393 ألف طن من الأسمدة الفوسفاتية.
الصادرات الصناعية
شهدت السنوات الخمس ( 2001 – 2005 ) ارتفاعا متدرجا فى إجمالى الصادرات المصرية ، حيث ارتفعت القيمة الإجمالية للصادرات من 4.2 مليارات دولار عام 2001 لتصل إلى 10.7 مليارات دولار عام 2005 بنسبة زيادة بلغت 156% ، وقد ساهمت الصادرات البترولية بالنصيب الأكبر فى حجم الصادرات المصرية ، حيث بلغت 49% من إجمالى صادرات عام 2005 .
وقد إرتفعت قيمة الصادرات غير البترولية من 2.3 مليار دولار عام 2001 لتصل إلى 4.2 مليار دولار عام 2005 ، وقد بلغت الصادرات المصرية حتى مايو 2006 نحو 8.5 مليارات دولار بزيادة بلغت 46% من الخطة المستهدفة للعام المالى ( 2005/2006 ) مما يعكس التطور الحقيقى لأساليب التصدير الجديدة التى ساهمت فى وضعها المجالس التصديرية ومجلس تنمية الصادرات .
وقد حقق قطاع الصناعات الغذائية طفرة حقيقية فى صادراته خلال النصف الأول من العام المالى ( 2005/2006 ) بزيادة بلغت 49% عن نفس الفترة من العام الماضى وبلغت هذه الصادرات 2.127 مليار جنيه .
كما شهدت الصادرات الزراعية تطورا ملحوظا لتحقق معدل نمو بلغ 54% خلال الخمس سنوات الأخيرة ، ويتركز 61% من إجمالى صادرات مصر الزراعية ( بدون القطن ) على ثلاث سلع رئيسية هى الأرز والبطاطس والبرتقال .
وقد شهدت صادرات السلع الصناعية ( غير البترولية ) إرتفاعا ملـحوظا خلال الـــفترة ( 2001/2005 ) حيث ارتفعت قيمتها بنسبة 84% لتصل إلى 3 مليارات دولار عام 2005 مقابل 1.6 مليار دولار عام 2001 ، وتأتى إيطاليا على رأس الدول المستوردة للسلع الصناعية المصرية ، وتحتل كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وأسبانيا المراكز الثلاثة الأولى من حجم التجارة مع مصر .
ويمثل الإتحاد الأوروبى أهم تكتل من حيث التجارة مع مصر ، بنسبة 25% خلال عام 2005 ، وتأتى دول أسيا فى المركز الثانى بنسبة 18% ، ثم تأتى الدول العربية فى المركز الثالث بنسبة 17% ، وتأتى دول أمريكا الشمالية فى المركز الرابع بنسبة 9.5%