Ahmed Zakarya عـضـو ذهبي
عدد الرسائل : 330 العمر : 39 الموقع : www.azakaria.tk تاريخ التسجيل : 26/11/2007
| موضوع: ضوابط الإفتاء للمفتي المعاصر السبت ديسمبر 29, 2007 2:47 am | |
| بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ضوابط الإفتاء للمفتي المعاصر هل هناك منهج عصري منضبط يمكن اتباعه لمن يريد أن يتصدى للفتوى في هذا العصر ؟
فالتصدي للإفتاء أمر خطره عظيم وحسبنا قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من أُفتِي بغير علم كان إثمه على من أفتاه" رواه أبو داود، وابن ماجه، وحسنه الشيخ الألباني.إثمه على من أفتاه" رواه أبو داود، وابن ماجه، وحسنه الشيخ الألباني.
وهناك بعض الضوابط على من يتصدى للإفتاء أن يراعيها من ذلك:
التحرر من العصبية المذهبية، فقوة الرأي بقوة الدليل الذي يستند إليه، وعلى المفتي أن يغلب روح التيسير والتخفيف على التشديد والتعسير، وأن يخاطب الناس بلغة عصرهم التي يفهمون، وأن يبتعد عن وعورة المصطلحات الصعبة، ويعرض عما لا ينفع الناس، وأن يحرص على الاعتدال بين المتحللين والمتزمتين، وأن يعطي الفتوى حقها من الشرح والإيضاح.التيسير والتخفيف على التشديد والتعسير، وأن يخاطب الناس بلغة عصرهم التي يفهمون، وأن يبتعد عن وعورة المصطلحات الصعبة، ويعرض عما لا ينفع الناس، وأن يحرص على الاعتدال بين المتحللين والمتزمتين، وأن يعطي الفتوى حقها من الشرح والإيضاح.
ويشير فضيلة الدكتور القرضاوي إلى هذه الضوابط بشي من التفصيل فيقول فضيلته:
أولا: التحرر من العصبية المذهبية، والتقليد الأعمى لزيد أو عمرو من المتقدمين أو المتأخرين، فقد قيل لا يقلد إلا عصبي أو غبي، وأنا لا أرضى لنفسي واحدا من الوصفين، هذا هو التوقير الكامل لأئمتنا وفقهائنا، فعدم تقليدهم ليس حطا من شأنهم، بل سيرا على نهجهم، وتنفيذا لوصاياهم بألا نقلدهم، ولا نقلد غيرهم، ونأخذ من حيث أخذوا، كما أن عدم تقليدهم لا يعني الإعراض عن فقههم وتراثهم، بل ينبغي الرجوع إليه والاستفادة منه بمختلف مدارسه، دون تحيز ولا تعصب.عصبي أو غبي، وأنا لا أرضى لنفسي واحدا من الوصفين، هذا هو التوقير الكامل لأئمتنا وفقهائنا، فعدم تقليدهم ليس حطا من شأنهم، بل سيرا على نهجهم، وتنفيذا لوصاياهم بألا نقلدهم، ولا نقلد غيرهم، ونأخذ من حيث أخذوا، كما أن عدم تقليدهم لا يعني الإعراض عن فقههم وتراثهم، بل ينبغي الرجوع إليه والاستفادة منه بمختلف مدارسه، دون تحيز ولا تعصب.
وهذا الموقف لا يتطلب من العالم المسلم المستقل في فهمه أن يكون قد بلغ درجة الاجتهاد المطلق كالأئمة الأولين، وإن كان هذا غير ممنوع شرعا ولا قدرا.هذا غير ممنوع شرعا ولا قدرا.
ولكن حسب العالم المستقل في هذا الموقف أمور:
أ. ألا يلتزم رأيا في قضية بدون دليل قوي، سالم من معارض معتبر، ولا يكون كبعض الناس الذين ينصرون رأيا معينا، لأنه قول فلان، أو مذهب فلان، دون نظر إلى دليل أو برهان، مع أن الله تعالى يقول: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) ولا يسمى العلم علما إذا كان ناشئا من غير دليل.معينا، لأنه قول فلان، أو مذهب فلان، دون نظر إلى دليل أو برهان، مع أن الله تعالى يقول: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) ولا يسمى العلم علما إذا كان ناشئا من غير دليل.
ولقد قال الإمام علي كرم الله وجهه: "لا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله".
ب. أن يكون قادرا على الترجيح بين الأقوال المختلفة، والآراء المتعارضة بالموازنة بين أدلتها، والنظر في مستنداتها من النقل والعقل، ليختار منها ما كان أسعد بنصوص الشرع، وأقرب إلى مقاصده، وأولى بإقامة مصالح الخلق التي نزلت لتحقيقها شريعة الخالق.مستنداتها من النقل والعقل، ليختار منها ما كان أسعد بنصوص الشرع، وأقرب إلى مقاصده، وأولى بإقامة مصالح الخلق التي نزلت لتحقيقها شريعة الخالق.
وهذا أمر ليس بالعسير على من ملك وسائله من دراسة العربية وعلومها، وفهم المقاصد الكلية للشريعة، بجانب الاطلاع على كتب التفسير والحديث والمقارنة.
ج. أن يكون أهلا للاجتهاد الجزئي: أي الاجتهاد في مسألة معينة من المسائل وإن لم يكن فيها حكم للمتقدمين، بحيث يستطيع أن يعطيها حكمها بإدخالها تحت عموم نص ثابت، أو بقياسها على مسألة مشابهة منصوص على حكمها، أو بإدراجها تحت الاستحسان أو المصالح المرسلة، أو غير ذلك من الاعتبارات والمآخذ الشرعية.يستطيع أن يعطيها حكمها بإدخالها تحت عموم نص ثابت، أو بقياسها على مسألة مشابهة منصوص على حكمها، أو بإدراجها تحت الاستحسان أو المصالح المرسلة، أو غير ذلك من الاعتبارات والمآخذ الشرعية.
ثانيا: تغليب روح التيسير والتخفيف على التشديد والتعسير، وذلك لأمرين:
الأول:أن الشريعة مبنية على التيسير ورفع الحرج عن العباد، وهذا ما نطق به القرآن، وصرحت به السنة في مناسبات عديدة.
ففي ختام آية الطهارة من سورة المائدة، وما ذكر فيها من تشريع التيمم، يقول تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم، وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون).ولكن يريد ليطهركم، وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون).
وفي ختام آية الصيام من سورة البقرة، وما ذكر فيها من الترخيص للمريض والمسافر بالإفطار، يقول سبحانه: (يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر).
وفي ختام آيات المحرمات في الزواج، وما رخص الله فيه من نكاح الإماء المؤمنات لمن عجز عن زواج الحرائر، يقول جل شأنه: (يريد الله أن يخفف عنكم، وخلق الإنسان ضعيفا) وفي ختام سورة الحج، وما ذكر فيها من أحكام وأوامر، يقول عز وجل (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج).شأنه: (يريد الله أن يخفف عنكم، وخلق الإنسان ضعيفا) وفي ختام سورة الحج، وما ذكر فيها من أحكام وأوامر، يقول عز وجل (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج).
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا".
ويقول: "إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين".
ويقول: "إنما بعثت بحنيفية سمحة".
وينكر على المتطرفين والمغالين في العبادة أو في تحريم الطيبات، ويعلن أن من فعل ذلك فقد رغب عن سنته "ومن رغب عن سنتي فليس مني".
ويوجه أصحاب هذه النزعة إلى التوسط والاعتدال، حتى لا يطغى حق على حق، ولهذا قال بعضهم: "إن لبدنك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه".ولأهلك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه".
والأمر الثاني:طبيعة عصرنا الذي نعيش فيه، وكيف طغت فيه المادية على الروحية، والأنانية على الغيرية، والنفعية على الأخلاق، وكيف كثرت فيه المغويات بالشر، والعوائق عن الخير، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، حيث تواجهه التيارات الكافرة عن يمين وشمال، ومن بين يديه ومن خلفه، تريد أن تقتلعه من جذوره، وتأخذه إلى حيث لا يعود.الأخلاق، وكيف كثرت فيه المغويات بالشر، والعوائق عن الخير، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، حيث تواجهه التيارات الكافرة عن يمين وشمال، ومن بين يديه ومن خلفه، تريد أن تقتلعه من جذوره، وتأخذه إلى حيث لا يعود.
ثالثا: ومن القواعد التي ينبغي على المفتي المعاصر التزامها: أن يخاطب الناس بلغة عصرهم التي يفهمون، متجنبا وعورة المصطلحات الصعبة، وخشونة الألفاظ الغريبة، متوخيا السهولة والدقة . . . . . . .متجنبا وعورة المصطلحات الصعبة، وخشونة الألفاظ الغريبة، متوخيا السهولة والدقة . وقد جاء عن الإمام علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!"
وقال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) ولكل عصر لسان أو لغة تميزه، وتعبر عن وجهته، فلابد لمن يريد التحدث إلى الناس في عصرنا أن يفهم لغتهم ويحدثهم بها.
ولا أعني باللغة مجرد ألفاظ يعبر بها قوم عن أغراضهم، بل ما هو أعمق من ذلك، مما يتصل بخصائص التفكير، وطرائق الفهم والإفهام.
رابعا- الإعراض عما لا ينفع الناس:
ومن القواعد التي ينبغي للمفتي المعاصر التزامها: ألا يشغل نفسه ولا جمهوره إلا بما ينفع الناس، ويحتاجون إليه في واقع حياتهم.
أما الأسئلة التي يريد بها أصحابها المراء والجدل، أو التعالم والتفاصح، أو امتحان المفتي وتعجيزه، أو الخوض فيما لا يحسنونه، أو إثارة الأحقاد والفتن بين الناس، أو نحو ذلك، فكنت أضرب عنها صفحا، ولا ألقي لها بالا، لأنها تضر ولا تنفع، وتهدم ولا تبني، وتفرق ولا تجمع.
كان بعض الناس يبعثون إلي بأسئلة تتضمن ألغازا شرعية يريدون حلها من مثل: "نوى ولا صلى، وصلى ولا نوى" و"قوم كذبوا ودخلوا الجنة، وقوم صدقوا ودخلوا النار" وأشباه ذلك، فكان ردي عليها السكون والإعراض لأن الاشتغال بمثل هذه المسائل من عمل الفارغين.و"قوم كذبوا ودخلوا الجنة، وقوم صدقوا ودخلوا النار" وأشباه ذلك، فكان ردي عليها السكون والإعراض لأن الاشتغال بمثل هذه المسائل من عمل الفارغين.
ومثل ذلك الأسئلة التي تتعلق بالأمور الغيبية، مما لم يجئ بتحديده نص معصوم، ومثل ذلك غوامض المسائل الدينية والعقائدية التي لا تحتملها الطاقة العقلية المعتادة لجمهور الناس، ويخشى من الخوض فيها ـ سؤالا وجوابا ـ التشويش على الكثيرين.والعقائدية التي لا تحتملها الطاقة العقلية المعتادة لجمهور الناس، ويخشى من الخوض فيها ـ سؤالا وجوابا ـ التشويش على الكثيرين.
فهذا أيضا مما لا أعتني بالإجابة عنه إلا إزالة لشبهة، أو ردا لفرية، أو تنبيها على قاعدة، أو تصحيحا لفهم، أو نحو ذلك.
خامسا- الاعتدال بين المتحللين والمتزمتين:
ومن خصائص المنهج الذي سرت عليه: التزام روح التوسط دائما، والاعتدال بين التفريط والإفراط، بين الذين يريدون أن يتحللوا من عرى الأحكام الثابتة بدعوى مسايرة التطور من المتعبدين بكل جديد، وبين الذين يريدون أن يظل كل ما كان على ما كان من الفتاوى والأقاويل والاعتبارات، تقديسا منهم لكل قديم.
سادسا- إعطاء الفتوى حقها من الشرح والإيضاح:
إنني لا أرضى أبدا طريقة بعض العلماء قديما وحديثا في جواب السائلين: بأن هذا يجوز وهذا لا يجوز، وهذا حلال وهذا حرام، أو حق وباطل، طلبا للاختصار، وعدولا عن الإطالة، ليفرق بين الفتيا والتصنيف، وإلا لصار المفتي مدرسا.
حتى ذكر ابن حمدان في كتابه "صفة الفتوى والمفتي والمستفتي" أن بعض الفقهاء قيل له: أيجوز كذا فكتب، لا!
وهذا إن جاز مع بعض الأشخاص، وفي بعض الأحوال، لا يجوز أن يكون قاعدة فيما يذاع على جمهور الناس، أو يكتب في صحيفة أو مجلة أو كتاب، يقرؤه الخاصة والعامة.صحيفة أو مجلة أو كتاب، يقرؤه الخاصة والعامة.
والحق أني أعتبر نفسي عند إجابة السائلين مفتيا، ومعلما، ومصلحا، وطبيبا، ومرشدا.
وهذا يقتضي أن أبسط بعض الإجابات وأوسعها شرحا وتحليلا، حتى يتعلم الجاهل، ويتنبه الغافل، ويقتنع المتشكك، ويثبت المتردد، وينهزم المكابر، ويزداد العالم علما، والمؤمن إيمانا.المتردد، وينهزم المكابر، ويزداد العالم علما، والمؤمن إيمانا.
والله أعلم .
| |
|