أيهما أولا.. الحرية أم الشريعة؟

أيهما أولا.. الحرية أم الشريعة؟

فتحي عبد الستار
القرضاوي
الهضيبي

إن الحرية مُقدَّمة، أو يجب أن تُقدَّم على الأقل في هذه المرحلة على المطالبة بتطبيق أحكام الشريعة؛ فالحرية سبيل للوصول إلى الشريعة.

لا، بل لا تنازُل عن تقديم الحكم بالشريعة، وليتأجل كل شيء حتى نصل إلى ذلك؛ فالشريعة هي التي ستأتي بالحرية وتحققها.

وجهتا نظر تبدوان وكأنهما متعارضتان، تصلان بنا إلى هذا السؤال: أيهما أولاً: الحرية أم الشريعة؟‍‍!

ولعل هذا السؤال يذكرنا باللغز الظريف الذي كنا وما زلنا نسأله لبعضنا من حين لآخر، ولا نصل فيه إلى حل: "أيهما أولاً: البيضة أم الدجاجة؟".

في برنامج "الشريعة والحياة" الأسبوعي، الذي تقدمه قناة الجزيرة القَطَرية، حدث حوار بين الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي والمستشار مأمون الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين، سببَّته جملة قالها القرضاوي عرضًا في حديثه عن غياب الشعوب العربية وصمتها عما يحدث من أحداث في المنطقة؛ حيث قال: "ولذلك أنا أقول: إن مشكلتنا الأولى في عالمنا العربي والإسلامي هي مشكلة الحرية قبل أن تكون مشكلة تطبيق الشريعة الإسلامية، مشكلة الحرية؛ لأننا لا نستطيع أن نطبق الشريعة وهذه الأجواء وهذه المناخات المسمومة القاتلة الخانقة تفرض علينا نفسها، لا بد أن نتنسم أنسام الحرية، أن تفتح الأبواب وتهب النسائم علينا حتى نتنفس كما يتنفس سائر البشر".

ويبدو أن هذه العبارة استفزت مقدم البرنامج، فطلب من الدكتور التوضيح، فأجابه فضيلته قائلاً: "لأني أرى أن الحرية هي المناخ الملائم لتطبيق الشريعة الإسلامية، ولنشر الدعوة الإسلامية، ولإشاعة القيم الإسلامية.. من غير حرية لا نجد الفرصة لهذا، أنا أجد دائمًا أنه كلما وُجِدَت الحرية في البلاد الإسلامية أو في بلد إسلامي، انتعشت الدعوة الإسلامية، وقامت الصحوة الإسلامية، ووجدت الحركة الإسلامية".

وبما أن البرنامج يتيح للجمهور المشاركة عبر الهاتف، فقد تحدث المستشار الهضيبي عبر الهاتف، موجهًا الحديث للدكتور القرضاوي قائلاً: "أنا أتوقف شوية، وأرجو إن حضرتك يمكن تراجع نفسك في الحكاية دي؛ لأن تطبيق أحكام الحرية على المسلم وغير المسلم أمر من أمور الشريعة الإسلامية، وفي مقدمة أحكام الشريعة الإسلامية، والنصوص الواردة في القرآن الكريم باتَّة في هذا الشأن"، وذكر عدة نصوص قرآنية.

ثم استطرد قائلاً: "فضيلتك عارف طبعًا ما دعا إليه الإمام الشهيد حسن البنا، ونحن الآن في ذكرى استشهاده في هذه المناسبة، يعني هذه الأيام، فأعتقد أن حضرتك طبعًا عارف دعوة حسن البنا، وأنها جاءت تقول.. وهو قال لأبنائه ولإخوانه: إذا سُئلتم إِلامَ تدعون؟ ندعو إلى الإسلام، والحرية جزء منه".

وعقَّب الدكتور القرضاوي قائلاً: "إحنا لسنا مختلفَيْن، لم أقل إن الحرية بديل عن تطبيق الشريعة، لم أقل هذا، ولكن رأيتُ أن مناخ الحرية يعني مقدمة لازمة لتطبيق الشريعة، لا بد أن تتوافر أجواء الحرية، حتى يستطيع أهل الدعوة أن ينشروا دعوتهم، وأن يهيئوا الشعوب لتقبُّل أحكام الشريعة، وأن يهيئوا الأجيال التي ستقيم الشريعة، الشريعة لا تقوم بمجرد الدعوة، لازم لها ناس.. ناس يعني.. فأنا أود أن أقول: إن الذي ذكرتُه أن جو الحرية جوٌ لا بد منه، لكي نحكم بالشريعة".

ثم استشهد الدكتور القرضاوي في تعقيبه على المستشار الهضيبي بحالة الإخوان في مصر، وما يتعرضون له من تضييق، وتساءل عن كيفية تطبيق الشريعة في هذه الأجواء.

وتستطيع أن تقرأ الحوار كاملاً هنا:

حوار القرضاوي والهضيبي حول الحرية والشريعة

ومما يلفت النظر أن يتبنى هذان الرجلان هذين الرأيين، فقد كان المتوقع أن يتبنى كل منهما وجهة نظر الآخر، على عكس ما حدث تمامًا؛ فالقرضاوي -الفقيه الأصولي- كان من المنتظر منه أن يتعصب للشريعة ولكنه مال إلى الحرية، أما الهضيبي – الحركي – فقد مال إلى الشريعة، بينما كان المنتظر منه أن يميل إلى الحرية ويتمسك بها، خاصة أنه وحركته يعانيان من افتقاد تلك الحرية.

على أية حال، ها أنت قد اطلعتَ على وجهتَي النظر وقد يرى البعض ألا خلاف جوهريًا بين الرأيين .. فما رأيك أنت؟

تستطيع أن تقول رأيك وتطلع على آراء الآخرين من خلال هذا الرابط:

حوار حول الحرية والشريعة

ونحن هنا لا نحاول إثبات صحة أو خطأ وجهة نظر أحد الرجلين، وإنما نناقش القضية التي تولدت من هذا الحوار.
وسنعرض هنا في القريب إن شاء الله آراء العلماء والمفكرين حول هذه القضية، فتابعونا.

» أيهما أصعب خيانه الحبيب أو خيانه الصدي